
تحذيرات طبية للعائدين إلى السودان من موجة مرضية خطيرة قيد الانتشار
الخرطوم – الهدهد نيوز – 28 يونيو 2025
في ظل انهيار البنية التحتية الصحية وتدهور الخدمات الأساسية نتيجة الحرب المستمرة في السودان، تشهد البلاد موجة مرعبة من انتشار وباء الكوليرا، وسط تداول صور صادمة على وسائل التواصل الاجتماعي لمئات الجثث التي تعود لضحايا الوباء، تُركت في العراء أو تأخرت عمليات دفنها، مما يثير موجة غضب وقلق شعبي عارم.
ونقل متطوعون ميدانيون من العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة وأقاليم دارفور مشاهد قاسية لجثث متحللة، دفنت لاحقًا بصعوبة في بعض المناطق، خاصة في جنوب أم درمان. وقال الناشط الإنساني أحمد فاروق لـ”سودان تربيون” إنهم دفنوا العديد من الجثامين مؤخرًا، مضيفًا أن سوء خدمات المياه وانتشار التلوث ساهم بشكل مباشر في اتساع رقعة المرض.
تقارير الرقابة الصحية بوزارة الصحة السودانية كشفت أن من بين 1,412 مصدر مياه تم فحصها، تبين أن 328 منها غير صالحة للاستهلاك البشري، ما يعزز مخاوف السكان من تفشي وبائي أكبر مع حلول فصل الخريف، الذي يزيد من احتمالية تفشي الأوبئة.
وفي السياق ذاته، أفاد مصدر طبي مسؤول في وزارة الصحة بولاية الخرطوم بأن الجثث المتعفنة لا تزال تُكتشف في بعض أحياء جنوب أم درمان، مشيرًا إلى أن حملات التعقيم مستمرة، دون أن يحدد المناطق المستهدفة. وفي شرق دارفور، أكدت متطوعة إنسانية وجود مئات الجثث في المناطق الغربية والجنوبية، وأشارت إلى صعوبات لوجستية وميدانية كبيرة في الوصول إلى الضحايا بسبب رفض قوات الدعم السريع التعاون مع الكوادر الطبية، وفق قولها.
وتواجه الجهات الصحية تحديًا إضافيًا يتمثل في انقطاع خدمات الإنترنت عبر الأقمار الصناعية في مناطق كثيرة تسيطر عليها قوات الدعم السريع، ما يصعّب إيصال الإغاثة أو جمع معلومات دقيقة من الميدان.
وكان وزير الصحة السوداني هيثم محمد إبراهيم قد كشف الشهر الماضي عن تسجيل ما بين 600 إلى 700 حالة إصابة أسبوعيًا بالكوليرا، معظمها في الخرطوم، مع عشرات الوفيات. كما أكدت منظمة الصحة العالمية وجود نحو 20 مليون سوداني بحاجة إلى مساعدات صحية عاجلة، مشيرة إلى تفشي الكوليرا في 18 ولاية من أصل 18.
وتزامنًا مع ذلك، أعلنت وزارة الصحة في الخرطوم تشكيل لجنة طوارئ، وإنشاء 10 مراكز لعلاج الكوليرا، معظمها في أم درمان. كما صرّح مسؤول صحي بأن مستشفى بحري التعليمي أوشك على دخول الخدمة مجددًا، ما سيوفر دعمًا إضافيًا لاحتواء الأزمة المتفاقمة.
من ناحيتها، حذرت منسقية النازحين واللاجئين من الظروف المأساوية التي يعيشها السكان في مناطق مثل طويلة وجبل مرة، مع ازدياد هطول الأمطار وغياب الرعاية الصحية. وأكدت التقارير أن وباء الكوليرا انتشر بالفعل في ولايات الخرطوم، الجزيرة، سنار، كردفان، ودارفور.
وفي ختام مايو، أكد رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك أنه تواصل مع عدد من الجهات الدولية لمخاطبة الأزمة، محذرًا من تصاعد كارثي إذا لم تتدخل المنظمات الإقليمية والدولية بشكل عاجل.
وبينما تتحدث الإحصاءات عن أكثر من 2,700 إصابة خلال أسبوع واحد، بينها 172 وفاة، يتخوف الأطباء من موجة أشد فتكًا خلال الأسابيع المقبلة، ما لم تُتخذ خطوات فورية لتأمين مصادر المياه، دعم النظام الصحي، واستئناف الحملات التوعوية.