
انباء عن ضخ الوقود من جديد؟ تسريبات من داخل مصفاة الخرطوم
متابعات _ الهدهد نيوز _ الخرطوم – في تطور لافت يعكس بوادر انتعاش في القطاع النفطي السوداني، كشف مصدر موثوق عن بدء تشغيل تجريبي لمحطة الجيلي لنقل النفط الواقعة شمال العاصمة الخرطوم، بعد فترة طويلة من التوقف بسبب الحرب التي عصفت بالبنية التحتية الحيوية للبلاد. وأوضح المصدر، نقلاً عن وكالة المحقق، أن المحطة بدأت العمل بشكل محدود خلال الأيام القليلة الماضية، في خطوة أولى نحو استئناف كامل للنشاط التشغيلي في أي لحظة، وسط تفاؤل حذر من عودة الأوضاع تدريجيًا إلى الاستقرار.
المحطة، التي تُعد شريانًا حيويًا ضمن شبكة تصدير النفط السودانية، تشكل نقطة ربط استراتيجية بين حقول هجليج النفطية والموانئ الشرقية على البحر الأحمر، وتُستخدم كممر رئيسي للنفط القادم من كل من جنوب السودان ومربع 2B، ما يجعل إعادة تشغيلها خطوة محورية في جهود الحكومة لإعادة بناء منظومة الطاقة المتضررة. وتزامنًا مع هذا الحراك، بدأت أعمال صيانة تدريجية في مصفاة الخرطوم الواقعة في منطقة الجيلي، باستخدام شركات محلية، حيث تم توجيه الجهود لمعالجة الأضرار التي لحقت بوحدات التخزين، بينما تُظهر الوحدات الإنتاجية مؤشرات استقرار تسمح بتشغيلها بصورة متدرجة خلال الأسابيع المقبلة.
وتجدر الإشارة إلى أن مصفاة الخرطوم كانت قد خرجت عن الخدمة في أعقاب سيطرة قوات الدعم السريع عليها في أبريل 2023، قبل أن ينجح الجيش السوداني في استعادتها بالكامل في يناير من العام الجاري. وتشكل المصفاة مركزًا محوريًا في منظومة الطاقة الوطنية، إذ كانت تغطي ما يزيد عن 66% من احتياجات السودان من الوقود، وتحتوي على وحدات تكرير وتخزين متقدمة تُمكّن من ضخ المنتجات البترولية إلى أنحاء البلاد كافة.
وتأتي هذه التحركات ضمن خطة شاملة تبذلها الجهات الرسمية لإعادة تأهيل المنشآت الحيوية وضمان استمرارية تدفق النفط، باعتباره من الأعمدة الأساسية لاقتصاد البلاد، لا سيما في ظل الأزمة الاقتصادية والمعيشية الخانقة التي خلّفتها الحرب. ورغم أن التحديات الأمنية والفنية واللوجستية ما تزال قائمة، فإن عودة المحطة والمصفاة إلى الخدمة يُنظر إليها باعتبارها نقطة تحول نحو استعادة السودان لعافيته الاقتصادية تدريجيًا.
ويتوقع مراقبون أن تتكامل عمليات التشغيل خلال فترة وجيزة، شريطة استمرار التحسن النسبي في الأوضاع الأمنية وتوفير التمويل اللازم والموارد التشغيلية، مما قد يسهم في تهدئة أزمة الوقود المتفاقمة التي أثقلت كاهل المواطنين. ويترقب الشارع السوداني نتائج هذه الخطوات بتفاؤل حذر، وسط مطالبات بإشراك الكفاءات الوطنية في عمليات الصيانة والإشراف على التشغيل، تفاديًا لأي انتكاسات تقنية أو إدارية في المستقبل القريب.
ويرى خبراء الطاقة أن هذه المبادرات تُرسل رسالة قوية إلى الأسواق والمستثمرين بأن السودان يسير في اتجاه استعادة السيطرة على قطاعاته الاستراتيجية، رغم تعقيدات المرحلة الانتقالية والتحديات السياسية والعسكرية. ويعوّل كثيرون على أن تكون هذه الخطوة بداية لسلسلة من النجاحات في إعادة تشغيل المصانع والمرافئ وتعافي الاقتصاد الوطني تدريجيًا، في انتظار أن تثمر الجهود الجارية عن حلول مستدامة تُخرج البلاد من عنق الزجاجة وتعيد الأمل للسكان في واقع اقتصادي أفضل.