
تقرير عالمي يكشف مفاجأة مدوية عن أفريقيا والطاقة
متابعات _ الهدهد نيوز _ بينما تتسابق دول العالم على تقنيات الطاقة النظيفة، تكشف القارة السمراء عن كنز استراتيجي غير مستغل بعد: الطاقة الشمسية. تقرير حديث صادر عن مؤسسة “باور شيفت أفريكا”، واطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة في واشنطن، كشف عن أرقام مذهلة تُظهر أن أفريقيا تمتلك القدرة على أن تصبح قطبًا عالميًا للطاقة المتجددة بحلول منتصف القرن الحالي، إذا أحسنت استغلال مواردها الطبيعية الهائلة.
فوفقًا للتقديرات الجديدة، فإن أفريقيا بحاجة إلى قدرة مركبة من الطاقة المتجددة تبلغ 3.5 تيراواط بحلول عام 2050، لتحقيق هدف خفض الانبعاثات إلى 1.5 درجة مئوية، وهو ما لا يتجاوز 1% من إمكاناتها التقنية. وتظهر الطاقة الشمسية كمحور رئيسي في هذا التحول، حيث يُتوقع أن تتجاوز القدرة المتاحة منها 2.615 تيراواط من إجمالي القدرات المتجددة المخطط لها خلال العقود المقبلة.
وبداية من عام 2030، تبدأ القارة في تسريع وتيرة التحول؛ إذ من المنتظر أن تبلغ قدرة الطاقة الشمسية 190 غيغاواط في ذلك العام، قبل أن تقفز إلى 946 غيغاواط في 2040، وهو ما يمثل قفزة نوعية في مشهد الطاقة بأفريقيا.
التقرير أشار إلى أن أفريقيا تتمتع بإشعاع شمسي مباشر يتراوح سنويًا بين 233 و3238 كيلوواط/ساعة لكل متر مربع، وتُعد مناطق الجنوب الغربي والشمال الأوسط من القارة هي الأعلى من حيث الإمكانات. وبعد استبعاد المناطق غير الصالحة كالغابات والمسطحات المائية والجبال، تبيّن أن هناك نحو 19.3 مليون كيلومتر مربع صالحة تمامًا لإنشاء مشاريع طاقة شمسية، وهي مساحة يمكنها إنتاج ما يفوق 482.261 تيراواط من الكهرباء النظيفة.
وفي حال قُصرت الحسابات على المناطق القريبة من خطوط النقل الكهربائي القائمة – أي التي تبعد أقل من 10 كيلومترات عنها – فإن المساحة القابلة للتطوير تنخفض إلى 2.8 مليون كيلومتر مربع، لكنها لا تزال قادرة على توليد 69.895 تيراواط، أي ما يفوق حاجات القارة بـ27 مرة حتى عام 2050، حال الاعتماد الكامل على مصادر الطاقة المتجددة.
أما على مستوى الدول، فقد تصدرت جنوب أفريقيا القائمة بإمكانات تصل إلى 8.7 تيراواط من الطاقة الشمسية، تليها ناميبيا بـ7.4 تيراواط، ثم نيجيريا بـ4.6، وأوغندا بـ3.3، وإثيوبيا بـ3.1، بينما حل السودان في المركز العاشر بإمكانات تُقدر بـ2.4 تيراواط، ما يجعله من بين الدول المرشحة بقوة للعب دور محوري في التحول الإقليمي للطاقة.
وتمتلك الجزائر مساحة مؤهلة لتوليد 1.153 تيراواط من الطاقة الشمسية، في حين تملك ليبيا إمكانية لتوليد 1.828 تيراواط، وكلها دول تتمتع بجغرافيا ومناخ مثاليين لتطوير مشاريع طاقة شمسية عملاقة.
لكن رغم هذه الإمكانات، يظل الواقع مغايرًا. فبيانات معهد الطاقة البريطاني تظهر أن إنتاج الطاقة الشمسية في أفريقيا لم يتجاوز 20.86 تيراواط/ساعة في عام 2024، مقارنة بـ18.96 في 2023، وهي زيادة بنسبة تقارب 10%، لكنها تظل ضئيلة بالنظر إلى حجم الفجوة بين الطلب والإنتاج. فقد ارتفعت القدرة المركبة إلى 15.4 غيغاواط في 2024، مقابل 13.5 فقط في العام الذي سبقه، وهو تحسن مهم لكنه غير كافٍ بعد لتلبية احتياجات القارة.
فالواقع القاسي يُظهر أن 85% من الأشخاص المحرومين من الكهرباء حول العالم – أي نحو 565 مليون نسمة – يعيشون في أفريقيا. وهذا يعني أن القارة، رغم كل الدعم الدولي، ما تزال تعاني من نقص هائل في تمويل مشاريع الطاقة الشمسية، سواء على مستوى المحطات أو الشبكات أو البنية التحتية.
وتبقى المفارقة الكبيرة أن أفريقيا – صاحبة أكبر إمكانات للطاقة الشمسية عالميًا – لا تزال أكثر قارات العالم فقرًا في الوصول إلى الكهرباء. ومع تزايد الحاجة العالمية للطاقة النظيفة، فإن السؤال الذي يفرض نفسه هو: هل تتحرك أفريقيا في الوقت المناسب لتصبح مركزًا عالميًا للطاقة المتجددة؟ أم تُترك وحيدة في الظلام، رغم إشراق شمسها الدائم؟