
قنبلة صامتة تهدد خصوبة النساء!
متابعات _ الهدهد نيوز _ كشفت دراسات علمية حديثة عن وجود تهديد خفي وخطير يهدد الصحة الإنجابية للنساء في مختلف مراحل حياتهن، نتيجة التعرض اليومي لما يُعرف بالمعطلات الهرمونية، وهي مواد كيميائية منتشرة بشكل واسع في العديد من المنتجات الاستهلاكية التي تستخدمها النساء يومياً دون إدراك لمخاطرها الصحية. وتكمن خطورة هذه المواد في قدرتها على تقليد الهرمونات الطبيعية داخل جسم الإنسان، مما يتسبب في اضطرابات هرمونية تؤثر بشكل مباشر على الجهاز التناسلي، وتحديداً خصوبة المرأة.
وتتواجد المعطلات الهرمونية، أو ما يُعرف علمياً بـ Endocrine Disrupting Chemicals (EDCs)، في منتجات مألوفة مثل العبوات البلاستيكية، مستحضرات التجميل، منظفات المنازل، والملابس الجديدة. هذه المواد تدخل إلى الجسم عبر الجلد أو التنفس أو حتى من خلال الطعام، وتتراكم تدريجياً لتؤدي إلى آثار صحية جسيمة قد تبدأ منذ مرحلة الجنين في رحم الأم، وتستمر إلى ما بعد سن اليأس. وتؤكد الدراسات أن الخطر لا يقتصر على الكميات الكبيرة، بل إن التعرض لتركيزات منخفضة منها بشكل متكرر يمكن أن يؤدي إلى تغيرات بيولوجية دائمة تؤثر على الخصوبة.
وأشارت نتائج مشروع FREIA البحثي الأوروبي، الذي قادته البروفيسورة مارغوري فان ديرسن، إلى أن التأثيرات السلبية لهذه المواد تبدأ منذ المراحل المبكرة من الحياة. وتشمل هذه التأثيرات اضطرابات مثل البلوغ المبكر، انخفاض عدد البويضات، صعوبات في الحمل، وتراجع معدلات نجاح عمليات الإخصاب المساعد، بل وقد يمتد تأثيرها إلى الأجنة من الإناث، مما يهدد فرصهن في الإنجاب مستقبلاً.
وبحسب الباحثين، فإن بعض الفئات المهنية معرضة بشكل أكبر لهذا الخطر، مثل العاملات في صالونات التجميل وخدمات التنظيف، نظراً لتعاملهن المباشر والمكثف مع المنتجات التي تحتوي على تركيزات عالية من هذه المواد الضارة. كما أن النساء الحوامل في دائرة الخطر بشكل مضاعف، نظراً لأن هذه المواد قد تنتقل إلى الجنين وتؤثر على تطوره التناسلي.
في محاولة لاحتواء هذه الكارثة الصحية الصامتة، يعمل الاتحاد الأوروبي من خلال تحالف EURION على تطوير تقنيات دقيقة لرصد المعطلات الهرمونية في المنتجات اليومية، ووضع معايير أكثر صرامة للحد من استخدامها. وقد تمكن الباحثون حتى الآن من إحراز تقدم ملموس في تصميم اختبارات تشخيصية تسهم في الكشف المبكر عن مدى تأثير هذه المواد على صحة الإنسان.
ورغم تعقيد المشكلة، فإن هناك خطوات بسيطة يمكن اتخاذها للحد من التعرض لهذه المواد، ومن بينها تجنب تسخين الطعام في العبوات البلاستيكية، غسل الملابس الجديدة قبل ارتدائها، اختيار منتجات التجميل بعناية شديدة، تقليل استخدام المنظفات الكيميائية القوية، والحرص على قراءة المكونات المدرجة على ملصقات المنتجات.
ويؤكد العلماء أن رفع الوعي المجتمعي بهذه المخاطر يُعد خط الدفاع الأول لحماية صحة المرأة والطفل، مشيرين إلى أن قرارات بسيطة واعية من المستهلك قد تُحدث فرقاً كبيراً في تقليل المخاطر والحفاظ على الخصوبة والصحة الإنجابية عبر الأجيال.