إعلان
مقالات

بكري حسن صالح : من قمة السلطة إلى ظلال الغموض

مقالات _ الهدهد نيوز

إعلان

بكري حسن صالح : من قمة السلطة إلى ظلال الغموض

إعلان

 

مقالات _ الهدهد نيوز _ بكري حسن صالح، أحد أبرز الوجوه العسكرية والسياسية في السودان خلال العقود الماضية، شكّل جزءاً محورياً من منظومة الحكم التي قادها الرئيس السابق عمر البشير بعد انقلاب 30 يونيو 1989. وُلد في قرية حفير مشو بشمال السودان عام 1949، وتخرّج في الكلية الحربية السودانية عام 1971، لتبدأ مسيرته العسكرية الطويلة التي أوصلته إلى مواقع عليا في الدولة، بدءاً من جهاز الأمن وانتهاءً بمنصب النائب الأول ورئيس الوزراء في فترة لاحقة.

إعلان

 

 

إعلان

كان بكري من أوائل من شاركوا في تنفيذ انقلاب 1989، وأثبت ولاءه المطلق للبشير، ما جعله محل ثقة في المهام الأمنية والسياسية الحساسة. وقد تولى منصب مدير جهاز الأمن الوطني، ثم وزيراً للداخلية فالدفاع، قبل أن يُكلّف بمهام النائب الأول للرئيس، وهي خطوة اعتبرها كثيرون تمهيداً لترشيحه كخليفة محتمل للبشير.

 

 

 

عُرف بكري بشخصيته الصارمة وقربه الشديد من مراكز صنع القرار، وكان يُنظر إليه كواحد من أقوى رجال النظام، رغم تحفظه على الظهور الإعلامي. وفي عام 2017، أعيد منصب رئيس الوزراء الذي كان مُلغى منذ عام 1989، وعُيّن بكري في هذا المنصب في محاولة لإعطاء صورة إصلاحية عن النظام أمام المجتمع الدولي، لكنه ظل يحتفظ بموقعه كنائب أول للرئيس أيضاً، مما جعل دوره محل جدل واسع بين من يرون فيه واجهة سياسية فقط، ومن يعتقدون بأنه مركز فعلي للسلطة.

 

 

 

مع اندلاع الاحتجاجات الشعبية في ديسمبر 2018 ضد نظام البشير، بدأ نفوذ بكري يتراجع تدريجياً، حتى تمت الإطاحة بالنظام في 11 أبريل 2019 على يد المجلس العسكري، وتم اعتقال عدد من رموزه، بمن فيهم بكري حسن صالح، الذي وُجهت إليه لاحقاً تهم تتعلق بالمشاركة في انقلاب 1989.

 

 

ظل بكري رهن الاحتجاز لفترة طويلة في سجن كوبر المركزي، ووردت تقارير إعلامية عن تدهور حالته الصحية خلال اعتقاله، مما دفع السلطات إلى نقله للعلاج، خاصة بعد إصابته بمضاعفات صحية. وفي أبريل 2025، صدر قرار بالإفراج عنه لدواعٍ إنسانية، حيث نُقل لتلقي العلاج في مدينة مروي.

 

 

 

ورغم إطلاق سراحه، فإن بكري لم يعد إلى الظهور السياسي أو الإعلامي، مما جعل التكهنات تتزايد حول مصيره، وسط صمت رسمي من السلطات الانتقالية. كما لم تصدر عنه أي مواقف علنية بعد الإفراج، ولا يُعرف إن كان سيعود لممارسة أي دور سياسي، أو سيختار الانعزال عن الحياة العامة.

 

 

 

من ناحية قانونية، لا تزال محاكمته متوقفة بسبب ظروفه الصحية، ومن غير المعروف ما إذا كانت الإجراءات القضائية ستُستأنف لاحقاً. بعض المراقبين يرون أن إطلاق سراحه جاء ضمن محاولات لتهدئة الوضع السياسي الهش في السودان، وتفادي مزيد من التصعيد، خصوصاً مع تصاعد الضغوط الدولية والإقليمية على الحكومة الانتقالية في ملفات العدالة والمصالحة الوطنية.

 

 

 

بكري حسن صالح يمثل نموذجاً لضابط عسكري تحوّل إلى سياسي ظل متمسكاً بسلطة امتدت لثلاثة عقود، عاش خلالها تقلبات الحكم وتقاربه مع الإسلاميين، ثم انحسار نفوذهم، وانتهى به المطاف من قمة السلطة إلى قفص الاتهام. لم تُحسم بعد مكانته في ذاكرة السودانيين، بين من يراه أحد رموز القمع والتسلط، ومن يعتبره رجلاً مخلصاً أدّى ما عليه في ظرف سياسي معقد.

 

 

مع ذلك، لا يمكن إنكار أن بكري كان شاهداً ومشاركاً في أهم مراحل تحولات الحكم في السودان منذ التسعينيات وحتى سقوط نظام البشير. ومهما كانت النهاية، فإن اسمه سيظل حاضراً في السردية السياسية السودانية، باعتباره أحد الأعمدة التي قامت عليها منظومة الحكم الشمولي التي تحكمت في السودان لثلاثة عقود.

إعلان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إعلان
زر الذهاب إلى الأعلى