مقالات

حرب بلا أعلام.. تقرير يكشف خفايا التدمير المنظم في السودان وتورط جهات إقليمية

متابعات _ الهدهد نيوز

حرب بلا أعلام.. تقرير يكشف خفايا التدمير المنظم في السودان وتورط جهات إقليمية

الهدهد نيوز – فريق التحرير

في تحليل سياسي صادم نُشر عبر موقع Africa Daily News Egypt، حذّر الدكتور عبدالوهب شيخ عبد الصمد، المحلل السياسي ومدير معهد آسيا وإفريقيا للدراسات الإستراتيجية، من أن ما يحدث في السودان لا يُمكن تصنيفه كحرب أهلية تقليدية، بل هو حملة تدمير ممنهجة تُدار عن بُعد وتُنفّذها أيادٍ مرتزقة عبر دعم خارجي منظم. وبحسب التقرير، فإن السودان بات ساحة للاندفاع الجديد نحو إفريقيا، ولكن هذه المرة بلا أعلام، ولا جيوش نظامية، بل عبر طائرات مُسيّرة، وشركات أمنية خاصة، وصفقات مظلمة لا تمر عبر المؤسسات الشرعية.

 

 

إعلان

عبد الصمد أشار إلى أن ما يسمى بـ”مليشيا الدعم السريع”، ذات الجذور في ميليشيات الجنجويد، تحولت إلى ما يشبه الفيلق الأجنبي للخراب، مُؤكدًا أن المقاتلين المنخرطين في عمليات التدمير لا ينتمون جميعهم إلى السودان، بل تم تجنيدهم من دول عدة بينها تشاد، جمهورية إفريقيا الوسطى، ليبيا، جنوب السودان، الصومال، وإثيوبيا. وأضاف أن هؤلاء لا يأتون بدافع الانتصار في الحرب، بل لتنفيذ مهمة محددة: نسف بنية الدولة من جذورها، وتحويل السودان إلى دولة فاشلة لا تقوى على الوقوف.

 

 

ويقول الكاتب إنه درس تاريخ الحركات المتمردة في إفريقيا، من ليبيريا إلى سيراليون، ومن رواندا إلى الكونغو، ولم يشهد من قبل هذا القدر من الوحشية الذي تمارسه مليشيا الدعم السريع، معتبرًا أن ما يحدث ليس تمردًا، بل عملية “محو” متكاملة.

 

 

الأخطر، بحسب التقرير، أن الدعم المقدم لهذه المليشيا لا يأتي من فراغ، بل تُوجَّه إليها الأسلحة والتقنيات والطائرات المسيّرة عبر دعم ممنهج من دولة الإمارات العربية المتحدة، التي تُتهم بحسب مصادر متعددة بتجنيد مرتزقة كولومبيين عبر ميناء بوصاصو الصومالي، بل وبتمويل مستشفيات هناك لعلاج مقاتلي الدعم السريع الجرحى. هذا الدعم، يوضح الكاتب، ليس عشوائيًا بل مدروس ومقصود، ويهدف إلى إبقاء السودان ضعيفًا ومفتتًا من أجل تسهيل السيطرة على موارده وتمرير صفقات خفية بعيدًا عن أعين الدولة والمجتمع الدولي.

 

 

لكن الصورة ليست سوداء بالكامل. ففي المقابل، يُبرز التقرير بوادر صمود ومقاومة سودانية استثنائية، تمثّلت في استعادة الجيش السوداني لعدد من المواقع الاستراتيجية، والأهم – بحسب عبد الصمد – هو بروز وحدة وطنية نادرة بين أطياف المجتمع السوداني، حيث تخلّى المواطنون عن الولاءات العرقية والسياسية في سبيل هدف واحد: إنقاذ الوطن.

 

 

ووسط هذه التضحيات، يشير الكاتب إلى الصمت المخزي للمؤسسات الإقليمية والدولية، وعلى رأسها الاتحاد الإفريقي والجامعة العربية، اللذان وصف موقفهما بأنه “خيانة بالصمت”، في وقت يُفترض فيه أن يتصدرا الدفاع عن السودان وسيادته وشعبه، بدل الوقوف موقف المتفرج أمام الدمار والدماء.

 

 

ويحذر التقرير من أن الأسوأ لم يأت بعد، موضحًا أنه حتى في حال هُزمت مليشيا الدعم السريع، فإن آلاف المرتزقة الأجانب الذين دخلوا البلاد لن يختفوا فجأة، بل سيعودون إلى بلدانهم الأصلية محملين بالتجربة والسلاح، مما يهدد بخلق موجات جديدة من عدم الاستقرار تمتد من تشاد إلى ليبيا والقرن الإفريقي، ما يُنذر بانتقال نار الحرب من السودان إلى مناطق أخرى في القارة.

 

 

وفي نداء واضح للمجتمع الدولي، طالب عبد الصمد بفرض عقوبات فورية على قادة المليشيا وداعميهم، وتنفيذ حظر شامل لتجارة السلاح في الإقليم، وكشف شبكات التمويل الدولية التي تغذي هذه الحرب، مؤكدًا أن تجاهل هذه الكارثة لن يضر السودان وحده، بل سيشعل منطقة القرن الإفريقي والساحل بأكملها.

 

 

 

ويختم الكاتب مقاله برسالة قوية مفادها أن ما يحدث في السودان هو نموذج واضح لـ”الاستعمار الجديد” بأساليب عصرية. لم تعد الجيوش تُرفع فيها الأعلام وتحتل المدن، بل يُستخدم الانهيار الداخلي والفوضى والعقود غير المعلنة كوسائل للسيطرة. السودان، بحسب تعبيره، ليس الضحية فقط، بل المسرح الأول في هذا الفصل الجديد من سباق النفوذ في إفريقيا.

 

 

ورغم الجراح، يقول عبد الصمد إن السودان لم يُكسر. بل يقف الآن في خط الدفاع الأول عن القارة، حاملاً رسالة لكل الدول الإفريقية: إما أن تستيقظ وتقاوم، أو تنتظر دورها في سلسلة الانهيارات القادمة.

إعلان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى