مقالاتاخبار اقتصادية

شبهات فساد وتحايل في واردات هونر في السودان

الهدهد نيوز

شبهات فساد وتحايل في واردات هونر

الهدهد نيوز _ كشفت وثائق حصرية عن وجود شبكة تفويضات تجارية معقدة ترتبط بعمليات استيراد وتوزيع منتجات شركة “هونر” للهواتف الذكية في السودان، وسط مؤشرات خطيرة على وجود ممارسات جمركية مشبوهة قد تُدرج ضمن نطاق التحايل الإداري والتهرب من الضوابط الجمركية. وتُشير هذه الوثائق إلى وجود سلسلة من الشركات العاملة خارج السودان، تتبادل فيما بينها صلاحيات التوزيع بشكل غير متسق، مما يطرح تساؤلات قانونية ومهنية بشأن مدى شرعية دخول هذه المنتجات إلى البلاد، في وقت يُعاني فيه الاقتصاد السوداني من ضغوط شديدة تتطلب شفافية صارمة في التعاملات التجارية.

 

 

 

إعلان

الوثائق التي جرى تحليلها تُظهر أن شركة “Honor International FZCO” ومقرها دبي منحت حق التوزيع إلى شركة “Telling Telecom (HK)” اعتبارًا من 7 مايو 2024 حتى 6 مايو 2025. ثم قامت “Telling” بدورها بتفويض شركة أخرى تُدعى “OTT PAY HK” في 23 أغسطس 2024، والتي بدورها فوضت “MST Trading L.L.C” ومقرها دبي في 28 أغسطس 2024 لتصبح الموزع المعتمد لمنتجات “هونر” في السودان. لكن اللافت أن الشركة التي تُباشر عمليات الاستيراد الفعلية داخل السودان، وتُعرف باسم “M.S.T Trading CO. LTD”، لا ترد في أي من هذه المستندات كطرف مباشر أو قانوني في التفويض، ما يضع علامات استفهام كبيرة حول مشروعية ما تستورده من أجهزة إلكترونية تحت غطاء تلك المستندات.

 

 

 

بحسب مصادر مطلعة على الملف، فقد استفادت الشركة السودانية “M.S.T Trading CO. LTD” من تخفيضات جمركية تُقدّر بنحو 30%، فضلاً عن تسهيلات في إجراءات الاتصالات واستيراد الأجهزة الذكية، دون أن يكون لها وضع قانوني ثابت كموزع رسمي معتمد لدى الشركة الأم. ويُخشى أن تكون هذه التسهيلات قد حصلت عليها بناءً على وثائق تفويض فرعية تفتقر إلى الصلاحية القانونية الكاملة. تُظهر الوثائق فجوة زمنية خطيرة بين مايو وأغسطس 2024، حيث لا يظهر وجود أي تفويض ساري خلال تلك الفترة لشركتي “OTT PAY” أو “MST Trading L.L.C”. الأمر الذي يُثير شكوكا حقيقية حول شرعية الشحنات التي دخلت السودان في تلك المدة.

 

 

 

ويطرح ذلك تساؤلات جوهرية حول الجهة التي كانت تمتلك حق الاستيراد حينها، وما إذا كانت تلك الشحنات قد دخلت بالفعل دون ترخيص سليم، وهو ما قد يُدرج قانونًا ضمن التهريب الجمركي بالمستندات. التحقيق يُظهر أن التفويض الأساسي من “هونر” لشركة “Telling” لا يتضمن إذنًا صريحًا بنقل صلاحيات التوزيع لأطراف أخرى، وهو ما يجعل التفويضات اللاحقة – خصوصًا من “OTT PAY” إلى “MST Trading L.L.C” – عرضة للبطلان القانوني، مما يُفقدها الحصانة أمام أي تحقيق رسمي محتمل.

 

 

 

كما أن التفويض الصادر من “OTT” إلى “MST Trading L.L.C” يشير إلى أن الأخيرة ستكون الموزع الرسمي لمنتجات “هونر” داخل السودان، رغم أن عنوان الشركة يقع في دبي، دون أي إثبات لوجود ترخيص صادر من الجهات السودانية المختصة يسمح لها بممارسة هذا النشاط داخل الأراضي السودانية. تُلزم الوثائق الجهات المفوضة بالحصول على التراخيص الجمركية وشهادات الاتصالات، لكنها لا توضح الطرف المسؤول قانونيًا في حال وقوع خلل أو خطأ. هذا الغموض يُمكن الشركات من التهرب من المسؤولية في حال اكتشاف تجاوزات، أو وجود أجهزة غير مطابقة للمواصفات، أو حتى إدخال شحنات تحتوي على أجهزة مقلدة تحت غطاء الشركة الأم.

 

 

 

تُطالب مصادر قانونية وتجارية بفتح تحقيق رسمي يشمل كافة الشحنات التي دخلت البلاد تحت اسم “هونر” خلال الفترة بين مايو وأغسطس 2024، مع التركيز على ما إذا كانت هذه الشحنات قد تم تخليصها جمركيًا بامتيازات ممنوحة فقط للموزعين الرسميين. كما يُوصى بمخاطبة شركة “هونر” الأم في دبي بشكل رسمي للحصول على إفادة توضح من هو الموزع المعتمد لها داخل السودان، وهل تمت الموافقة على منح تفويضات فرعية، أم أن هناك استغلالًا لثغرات قانونية للتربّح غير المشروع.

 

 

 

وتأتي هذه القضية في وقتٍ تُحذر فيه جهات رسمية ومهنية من انتشار الأجهزة الإلكترونية المقلدة أو غير المطابقة للمواصفات، والتي قد يتم تمريرها إلى الأسواق المحلية عبر شركات صغيرة تعمل كواجهة لشبكات توزيع غير قانونية أو مموّلة من جهات خارجية. ويُنظر إلى التحقيق في هذه القضية على أنه اختبار حقيقي لقدرة الأجهزة الرقابية في السودان على ضبط الأسواق، وحماية الاقتصاد الوطني من تسرب موارد الجمارك إلى شركات تعمل خارج القانون، وتستغل ثغرات في النظام التجاري لتحقيق أرباح على حساب الصالح العام.

 

 

 

يدعو مراقبون الحكومة السودانية، ممثلة في رئيس مجلس الوزراء ووزارتي المالية والداخلية، إلى التدخل الفوري وتعليق أي امتيازات جمركية ممنوحة لشركات لم يُثبت أنها وكلاء قانونيون، إلى جانب مراجعة كافة إجراءات التراخيص الممنوحة لاستيراد أجهزة الاتصالات، لضمان سلامة السوق المحلية من الممارسات غير المشروعة. كما يُطالب خبراء في قطاع الجمارك بمراجعة كل الامتيازات التي مُنحت خلال السنوات الأخيرة لشركات الاتصالات والموزعين غير الرسميين، لضمان عدالة المنافسة ومنع تسرب الإيرادات العامة.

وثائق فساد واردات هونر في السودان

إعلان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى