
اتهامات متصاعدة بالفساد في توزيع المساعدات المجانية
الهدهد نيوز – بورتسودان
تشير تقارير ومصادر محلية إلى تنامي مظاهر الفساد في ملف توزيع المساعدات الإنسانية بمدينة بورتسودان، التي أصبحت بمثابة العاصمة الإدارية المؤقتة في ظل الصراع الدائر بالبلاد. وتبرز عبارة “يُوزّع مجاناً” المكتوبة على عبوات المساعدات، كشاهدٍ على واقع مرير يتمثل في بيع هذه المواد في الأسواق بدلاً من إيصالها إلى الفئات المستحقة من النازحين والمتضررين.
ويتهم ناشطون في المجتمع المدني السلطات المحلية بالتورط في عمليات ممنهجة تهدف إلى استغلال الأزمة الإنسانية، وتحويل مواد الإغاثة إلى سلعة تجارية تدر الأرباح على بعض المسؤولين والمتنفذين، على حساب معاناة المواطنين.
وبحسب مصادر ميدانية، فإن كميات كبيرة من المساعدات الغذائية والطبية التي وصلت إلى بورتسودان عبر منظمات دولية لم تُوزّع على المحتاجين، بل وُثّق بيعها في الأسواق المحلية بأسعار مرتفعة. وتشير التقارير إلى وجود شبكة معقدة من الفساد تضم عناصر على صلة وثيقة بمسؤولين في سلطات الأمر الواقع.
وأكدت متطوعة تعمل في مراكز إيواء بمنطقة حلفا الجديدة، أن النسبة الأكبر من المواد المخصصة لدعم النازحين لا تصل إلى وجهتها الحقيقية، مشيرة إلى وجود عمليات تلاعب وتخزين غير مبرر. وأوضحت المتطوعة -التي فضلت عدم كشف هويتها لأسباب أمنية– أن هذه الممارسات تعكس غياب الرقابة والمحاسبة، ما يفاقم معاناة آلاف الأسر التي تعتمد على هذه المساعدات للبقاء على قيد الحياة.
وفي أغسطس من العام الماضي، وجّه برنامج الأغذية العالمي اتهامات مباشرة لمسؤولين في بورتسودان بالتحايل على المجتمع الدولي، من خلال إخفاء معلومات مهمة عن مدى تعقيد إيصال الإغاثة للمناطق المتضررة. وكشفت التقارير عن دور بعض الجهات الأمنية والعسكرية في إخفاء أو احتكار تلك المساعدات، مما أثار موجة من الغضب والاستنكار داخل الأوساط الإنسانية.
ورغم التحذيرات الدولية بشأن الوضع الغذائي في السودان، تُصر سلطات بورتسودان على نفي وجود مجاعة أو أزمة غذائية، في وقت تشير فيه تقارير الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 25 مليون سوداني – أي نصف عدد السكان – يواجهون مستويات متفاوتة من انعدام الأمن الغذائي. ويرى مراقبون أن هذا التناقض بين البيانات الرسمية والواقع الميداني يعمّق فجوة الثقة بين المواطنين والسلطات، ويضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته في مراقبة إيصال المساعدات وضمان عدم استغلالها.
ويطالب ناشطون ومنظمات مجتمع مدني بفتح تحقيق دولي شفاف حول ممارسات الفساد المرتبطة بالإغاثة، والعمل على إيجاد آلية مستقلة تضمن وصول المعونات إلى المستحقين في ظل استمرار النزاع وتدهور الأوضاع الإنسانية.
ويظل سؤال النزاهة والمساءلة مطروحًا بقوة، بينما تتفاقم الأزمة يوماً بعد يوم، وسط تقارير دولية متزايدة تحذر من كارثة إنسانية قد تكون الأسوأ في تاريخ السودان الحديث.