
السودان يفرض حظرًا على ذهب ولايتي
متابعات _ الهدهد نيوز _ فرضت الحكومة السودانية حظرًا رسميًا على تداول الذهب المنتج من ولايتي جنوب دارفور وجنوب كردفان، في خطوة اعتُبرت تصعيدًا مباشرًا ضد الجماعات المسلحة التي تسيطر على عدد من المناجم في تلك المناطق. وأعلنت وزارة المعادن في بيان لها أن الذهب المستخرج من هاتين الولايتين أصبح مصنفًا ضمن قائمة المناطق “الحمراء”، نظرًا لوقوعها تحت سيطرة مجموعات مسلحة، من بينها قوات الدعم السريع المتمردة والحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال، بقيادة عبد العزيز الحلو.
ويأتي هذا القرار بالتزامن مع مشاركة وزير المعادن السوداني، نور الدائم محمد أحمد طه، في اجتماعات الدورة الثامنة لوزراء المعادن بدول منطقة البحيرات الكبرى، والتي انعقدت في العاصمة الكونغولية كنشاسا. وخلال الاجتماعات، حظي قرار السودان بحظر الذهب من جنوب دارفور وجنوب كردفان بدعم وزراء المعادن في دول البحيرات، حيث تم الاتفاق على وضع الحظر موضع التنفيذ الفوري، كخطوة لمواجهة تهريب الذهب الذي يُستخدم في تمويل النزاعات المسلحة.
وأشار بيان وزارة المعادن إلى أن ولايتي جنوب دارفور وجنوب كردفان تحتويان على مناجم ذهب ضخمة تنتج كميات تجارية كبيرة، وغالبًا ما يتم تهريب هذه الكميات إلى دول الجوار مثل الإمارات وكينيا وجنوب السودان وتشاد، وهو ما يشكل خطرًا مباشرًا على الاقتصاد السوداني ويعزز من تمويل النزاع الداخلي.
وأكد الوزير السوداني خلال كلمته على ضرورة تعزيز آليات التنسيق الإقليمي لمحاربة تهريب المعادن، داعيًا إلى إنشاء إطار عمل موحد للحوكمة الرشيدة للموارد الطبيعية في دول المنطقة. كما شدد على أهمية التعاون بين الدول الأعضاء في منظمة البحيرات الكبرى لتحقيق تنمية مستدامة قائمة على العدالة والشفافية في استغلال الموارد.
وفي سياق كلمته، قدّم الوزير إحاطة وافية للوزراء المشاركين حول الأوضاع السياسية والأمنية الراهنة في السودان، متهمًا دولة الإمارات العربية المتحدة بتقديم دعم مالي وعسكري مباشر للمليشيات المسلحة التي تسيطر على مناطق الذهب في دارفور وكردفان. وأوضح أن هذا الدعم يشمل توريد الأسلحة والمعدات، ويُستخدم في تنفيذ جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، إضافة إلى الحصار المتعمد على المدن، ومنع دخول الغذاء والدواء، في انتهاك صارخ للقرارات الدولية وعلى رأسها قرار مجلس الأمن رقم (2736) الصادر في يونيو 2024، والذي دعا إلى فك الحصار عن مدينة الفاشر.
الوزير السوداني أشار أيضًا إلى التقدم الذي أحرزته الحكومة السودانية في مسار استعادة السيطرة على المناطق المتأثرة بالنزاع، بفضل الانتصارات العسكرية التي حققتها القوات المسلحة وقواتها المساندة ضد المليشيات المتمردة. كما تطرّق إلى الخطوات السياسية التي تتبعها الحكومة حاليًا، والتي شملت تعيين رئيس وزراء مدني وتشكيل حكومة انتقالية، في إطار الإعداد للانتقال الديمقراطي وإجراء انتخابات شاملة، وهي خطوات لاقت دعمًا وترحيبًا من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي.
ولم يفت الوزير الدعوة إلى موقف دولي واضح من إعلان مليشيا الدعم السريع عن تشكيل حكومة موازية، واصفًا هذه الخطوة بأنها محاولة فاشلة لفرض واقع سياسي بقوة السلاح. وطالب الدول الأعضاء في منظمة البحيرات الكبرى بإدانة الخطوة، ورفض أي شكل من أشكال الدعم الإقليمي أو الدولي للمليشيات التي وصفها بـ”المتمردة والخارجة عن القانون”.
وشهدت اجتماعات وزراء المعادن في دول البحيرات الكبرى مشاركة فاعلة من عدة دول، من بينها السودان، جمهورية الكونغو الديمقراطية، رواندا، كينيا، بوروندي، أنغولا، تنزانيا، أوغندا، زامبيا، والكونغو برازافيل. وناقش الوزراء خلال الاجتماعات التحديات المشتركة التي تواجه قطاع التعدين في الإقليم، وأهمية تحقيق التكامل الإقليمي لمواجهة ظاهرة التهريب، وتبادل الخبرات في مجالات التنقيب والاستخراج وتطوير البنية التحتية لقطاع المعادن.
قرار السودان بحظر الذهب المنتج من مناطق النزاع يفتح الباب أمام جدل داخلي وخارجي واسع حول طبيعة العلاقة بين الثروات الطبيعية وتمويل الحروب، ويطرح تساؤلات جادة حول دور بعض القوى الإقليمية في تأجيج الصراع بدلاً من المساهمة في استقراره، في وقتٍ يسعى فيه السودان إلى طي صفحة الحرب والانطلاق نحو مرحلة جديدة من السلام والانتعاش الاقتصادي.