
إعلان وشيك يقلب موازين رفح
متابعات _ الهدهد نيوز _ كشف موقع “والا” العبري في تقرير نشره مؤخراً عن توقعات إسرائيلية تشير إلى قرب إعلان رسمي يعتبر مدينة رفح، الواقعة في أقصى جنوب قطاع غزة، “خالية تماماً من عناصر حركة حماس”، وذلك خلال الأسابيع القليلة القادمة، استناداً إلى تقديرات صادرة عن الجيش الإسرائيلي. ويُنظر إلى هذا الإعلان المرتقب بوصفه خطوة مفصلية من شأنها أن تمهد لتحولات في مسار الحرب داخل القطاع، وفتح الباب أمام عودة تدريجية للمدنيين إلى منطقة كانت مسرحاً لمعارك ضارية خلال الأشهر الماضية، وما رافقها من دمار واسع في البنية التحتية ونزوح جماعي للسكان.
ووفقاً للموقع ذاته، فإن التقييمات الاستخباراتية الإسرائيلية تشير إلى أن نحو 150 عنصراً من كتائب القسام، الذراع العسكري لحركة حماس، لا يزالون يتحصنون داخل شبكة معقدة من الأنفاق تحت الأرض في رفح. وتفيد التقارير بأن من بين هؤلاء قادة ميدانيين بارزين، يعتقد أنهم يديرون العمليات القتالية للحركة من داخل هذه التحصينات، التي صُممت وفق أساليب تضمن أعلى درجات الحماية والتخفي.
وفي سياق موازٍ، أفاد التقرير بأن القيادة العسكرية الإسرائيلية توصّلت إلى تفاهم مع المستوى السياسي في الحكومة بشأن تنفيذ خطوات جديدة تهدف إلى توسيع رقعة العمليات العسكرية داخل قطاع غزة، وذلك عبر الدفع بمزيد من القوات النظامية إلى عمق المناطق السكنية، بالإضافة إلى استدعاء قرابة 60 ألف جندي من قوات الاحتياط، ما يشير إلى استعدادات مكثفة لمرحلة أكثر تصعيداً من العمليات الميدانية. ويُرجح أن تكون هذه الخطوة جزءاً من خطة شاملة لإحكام السيطرة على المناطق المتبقية في القطاع، وتضييق الخناق على ما تبقى من قدرات حماس العسكرية.
كما رصد التقرير تسارعاً ملحوظاً في وتيرة تدمير البنية التحتية في غزة خلال الأيام الأخيرة، في ظل اعتماد الجيش الإسرائيلي على معدات هندسية ثقيلة تم إدخالها إلى الميدان لتفكيك شبكة الأنفاق وتدمير المواقع التي يعتقد بأنها تُستخدم من قبل حماس كمراكز قيادة أو مخازن للأسلحة. وتعد هذه التطورات جزءاً من استراتيجية تهدف إلى تقويض قدرة الحركة على شن هجمات مضادة أو مواصلة تنظيم صفوفها في المناطق الجنوبية.
وبالعودة إلى جذور النزاع، فإن الحرب المستمرة منذ السابع من أكتوبر 2023 بدأت عقب هجوم مفاجئ شنّته حركة حماس على جنوب إسرائيل، وأسفر – بحسب الرواية الإسرائيلية – عن مقتل أكثر من 1200 شخص وأسر عدد من الجنود والمدنيين. ومنذ ذلك الحين، دخل قطاع غزة في دوامة من العنف، حيث شنّ الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية واسعة النطاق أدت إلى تدمير كبير في المرافق الحيوية وسقوط أعداد كبيرة من الضحايا.
وبحسب بيانات صادرة عن وزارة الصحة في غزة، فقد تخطى عدد القتلى نتيجة هذه الحرب 52 ألف شخص، أغلبهم من النساء والأطفال، وسط تحذيرات متكررة من منظمات إنسانية دولية بشأن الوضع الكارثي الذي يعيشه السكان تحت الحصار، حيث تعاني المستشفيات من نقص حاد في المعدات والأدوية، فيما باتت المواد الغذائية والمياه الصالحة للشرب شحيحة بصورة مقلقة.
ومع استمرار التصعيد، دقّت منظمات دولية ناقوس الخطر بشأن تفاقم الأزمة الإنسانية، محذّرة من خطر المجاعة، لا سيما في مناطق مثل رفح التي تحولت إلى مركز رئيسي للنزوح. ووجّه برنامج الأغذية العالمي نداءً عاجلاً للسماح بدخول مساعدات إنسانية فورية، مؤكداً أن الوضع الغذائي في القطاع بلغ مستويات حرجة.
وفي تطور آخر يعكس البعد الإنساني للصراع، نشرت حركة حماس تسجيلاً مصوراً جديداً لأحد الرهائن الإسرائيليين الذين تحتجزهم، وظهر فيه وهو يروي نجاته من محاولتين للموت، في تسجيل قالت السلطات الإسرائيلية إنه يُستخدم كأداة ضغط إعلامي وسياسي، مما زاد من حالة التوتر داخل المجتمع الإسرائيلي.
وبينما تُثار التوقعات حول إعلان رفح “خالية من حماس“، يرى محللون أن هذا التطور قد يشكل منعطفاً جديداً في الحرب المستمرة، إما باتجاه تصعيد إضافي بهدف إنهاء ما تصفه إسرائيل بالتهديد الأمني، أو كتمهيد لانطلاق مفاوضات تتعلق بوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى. لكن، في ظل المعطيات الحالية واستمرار القتال تحت الأرض وفي أطراف القطاع، تبقى احتمالات نهاية الصراع بعيدة، فيما يعيش المدنيون في غزة بين نيران الحرب ومعاناة النزوح والجوع.