إعلان
اخبار

هجوم مباغت يقلب موازين الحرب السودانية

متابعات _ الهدهد نيوز

إعلان

الجيش هجوم مباغت يقلب موازين الحرب السودانية

إعلان

متابعات _ الهدهد نيوز – في خضم الأزمة السودانية الممتدة منذ منتصف أبريل 2023، برز الجيش السوداني كقوة صلبة استعادت زمام المبادرة في أكثر من جبهة قتالية، بعد شهور من الكرّ والفرّ ضد قوات الدعم السريع. ورغم التحديات الميدانية والإنسانية العديدة التي واكبت الحرب، فإن التطورات الأخيرة في عدد من الولايات، لاسيما الخرطوم وجنوب دارفور والجزيرة، كشفت عن تحول نوعي في ميزان القوى الميدانية، لصالح المؤسسة العسكرية السودانية.

 

إعلان

 

 

إعلان

منذ اندلاع القتال، عانى السودان من حالة من الفوضى الأمنية والانهيار في الخدمات الأساسية، وتعرض المدنيون لانتهاكات واسعة النطاق، مما أدى إلى موجات نزوح جماعية وسقوط آلاف الضحايا. وسط هذه الصورة القاتمة، حافظ الجيش السوداني على بنية قيادته المركزية، رغم محاولة قوات الدعم السريع بسط سيطرتها السريعة على مفاصل الدولة ومؤسساتها في العاصمة الخرطوم.

 

 

 

وقد أدرك الجيش، بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، أن المعركة لن تُحسم في أيام، بل هي معركة صبر واستنزاف. وبدلاً من الانجرار إلى معارك استنزاف غير محسوبة داخل المناطق السكنية، اعتمدت القيادة العسكرية على استراتيجيات تقوم على إعادة التموضع، وتوسيع السيطرة في الأقاليم، وبناء حاضنة مجتمعية داعمة للتحرك العسكري.

 

 

 

التحولات الميدانية بدأت تبرز بشكل لافت في النصف الثاني من عام 2024، حينما نجح الجيش في تنفيذ سلسلة من العمليات النوعية التي استهدفت مراكز إمداد وتحشيد الدعم السريع في ولاية الجزيرة، وخاصة في مدينة ود مدني التي كانت تحت سيطرة الدعم السريع لأشهر عدة. وتزامنت هذه العمليات مع تنامي التنسيق بين وحدات الجيش في الوسط والشرق والغرب، ما مكّن القوات المسلحة من كسر الطوق الذي حاولت قوات الدعم فرضه حول العاصمة.

 

 

 

ولعل أحد أبرز العوامل التي ساهمت في قلب المعادلة هو الدعم الشعبي المتزايد للجيش، لا سيما بعد أن توالت التقارير الدولية والمحلية حول تجاوزات الدعم السريع في المناطق الخاضعة لسيطرتها. فقد وثّقت منظمات حقوقية حالات واسعة من النهب، والاعتقال القسري، والانتهاكات ضد النساء، ما أضعف موقف الدعم السريع أخلاقياً وسياسياً، وعزّز من صورة الجيش كجهة تضطلع بمهمة حماية المواطنين واستعادة الدولة.

 

 

 

وفي هذا السياق، يشير عدد من المحللين العسكريين إلى أن الجيش السوداني اعتمد تكتيكات تتناسب مع طبيعة المعركة الحضرية، فأعاد تشكيل وحداته القتالية لتكون أكثر مرونة وقدرة على التحرك السريع داخل الأحياء المزدحمة، مع الاستفادة من شبكة المعلومات التي وفرها السكان المحليون. هذا التفاعل المجتمعي أتاح للجيش تنفيذ ضربات دقيقة ضد أهداف حيوية دون إحداث دمار واسع في البنية التحتية.

 

 

 

ومن ناحية أخرى، شهدت القوات المسلحة تحسناً ملحوظاً في الأداء اللوجستي، حيث تم تأمين خطوط الإمداد بشكل منتظم من مناطق مثل نهر النيل وكسلا والقضارف، ما قلّل من الاعتماد على الموارد المتقطعة في العاصمة. كما لعبت القوات الجوية دوراً محورياً في تأمين الغطاء للقوات البرية، عبر ضربات مركزة عطّلت تحركات الدعم السريع، ومنعتها من التمدد نحو الشرق والشمال.

 

 

 

ومع حلول عام 2025، بدا واضحاً أن الجيش السوداني تمكن من نقل المعركة إلى مواقع كان يفتقد السيطرة عليها، بل وأصبح يبادر بالهجوم، بدلاً من الاقتصار على الدفاع أو التراجع. ففي جنوب دارفور، نجحت وحدات الجيش في استعادة مساحات واسعة من نيالا وضواحيها، بعد قتال عنيف استمر أسابيع. وفي الخرطوم، رغم تعقيد المشهد العسكري، سجل الجيش تقدماً ملموساً في الخرطوم بحري وشرق النيل.

 

 

 

ورغم تباين المواقف الإقليمية والدولية من الأزمة السودانية، فإن المكاسب الميدانية للجيش أضفت عليه مزيداً من المشروعية في نظر المجتمع الدولي، وخصوصاً الدول المعنية باستقرار البحر الأحمر والقرن الإفريقي. هذا التغيير دفع بعض الأطراف إلى إعادة تقييم مواقفها، والاقتراب أكثر من رؤية الجيش للحل السياسي، انطلاقاً من معادلة القوة على الأرض.

 

 

 

ويؤكد مراقبون أن الجيش السوداني استفاد أيضاً من أخطاء الدعم السريع، التي تمثلت في الإفراط في استخدام القوة داخل المدن، والانخراط في عمليات وصفها المواطنون بأنها أقرب إلى الاحتلال من التحرير. هذه السلوكيات أضعفت ولاء العناصر المحلية التي كانت تؤيد الدعم السريع في البداية، ودفعت أعداداً من المقاتلين للانشقاق أو تسليم أنفسهم للجيش.

 

 

 

وفي ظل هذه التحولات، يبدو أن المؤسسة العسكرية السودانية استطاعت تجاوز أصعب مراحل المواجهة، وهي الآن تعمل على تثبيت المكاسب وتوسيع رقعة السيطرة، مع الحفاظ على الانضباط والبعد عن ردود الفعل العشوائية. ويأمل المواطنون أن تسهم هذه الانتصارات في تمهيد الطريق أمام حل شامل يعيد للدولة سيادتها، ويضمن للمدنيين حياة آمنة ومستقرة.

 

 

 

لكن رغم هذا التقدم، تبقى التحديات كبيرة، وأبرزها الحاجة إلى تسوية سياسية تضمن ألا تتكرر مثل هذه الصراعات مستقبلاً، وتؤسس لحكم ديمقراطي يعالج جذور الأزمات المتراكمة. فالجيش، برغم تفوقه الميداني، لا يسعى إلى الاستمرار في الحكم، بحسب تصريحاته المتكررة، بل يريد إنهاء التمرد وتهيئة الظروف لمرحلة انتقالية تحظى بإجماع وطني ودعم دولي.

 

 

في المحصلة، أثبت الجيش السوداني أنه مؤسسة وطنية صلبة، استطاعت الصمود في وجه أخطر تهديد داخلي منذ الاستقلال، وتمكنت، بفضل انضباطها وخبرتها، من تغيير مسار المعركة لصالحها. ومع استمرار العمليات العسكرية بوتيرة محسوبة، يتطلع الشارع السوداني إلى اليوم الذي تنتهي فيه هذه الحرب، ويبدأ فيه السودان مرحلة جديدة من البناء والاستقرار.

إعلان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إعلان
زر الذهاب إلى الأعلى