
هاتف يربك جوبا
متابعات _ الهدهد نيوز _ في خطوة مفاجئة أثارت جدلًا سياسيًا واسعًا، أقدم جهاز الأمن الوطني في جنوب السودان على مصادرة هاتف ذكي وجهاز كمبيوتر محمول ومودم إنترنت من وزيرة الداخلية أنجلينا تينج، زوجة نائب الرئيس الأول المعتقل، رياك مشار، وذلك في العاصمة جوبا، يوم الأحد، بحسب ما أعلنته مصادر بارزة في المعارضة.
الإجراء الأمني الذي وصفته المعارضة بأنه محاولة لتقييد تحركات وزيرة الداخلية وفرض عزلة تامة عليها، أثار تساؤلات واسعة حول مستقبل اتفاق السلام المُنشط الموقّع في عام 2018، والذي يُفترض أنه وضع حدًا لنزاع دموي أودى بحياة مئات الآلاف.
المتحدث باسم الحركة الشعبية لتحرير السودان في المعارضة، ووزير الري في حكومة الوحدة، بال ماي دينق، أكد أن مصادرة أجهزة الاتصالات من تينج تعتبر بمثابة “حجز فعلي” لها، وهو ما يُفهم على أنه تصعيد غير مباشر في ظل استمرار اعتقال زوجها رياك مشار، أحد أبرز شركاء السلطة في الحكومة الانتقالية بجنوب السودان. وأضاف دينق أن هذه الإجراءات تُعد جزءًا من سلسلة خطوات تقويضية تنفذها أجهزة الدولة بهدف تهميش المعارضة السياسية وضرب أسس الاتفاق الموقع مع الحكومة.
بحسب مصادر موثوقة، فإن وزيرة الداخلية كانت قد لجأت لاستخدام مودم خارجي للاتصال بالعالم الخارجي بعد أن تم قطع خدمة الإنترنت بالكامل عن مقر إقامتها المشترك مع مشار منذ اعتقاله في مارس الماضي. وتقول المصادر إن تينج تعيش فعليًا في قسم منفصل من المنزل، حيث تتولى تزويد زوجها بالمؤن والاحتياجات الأساسية، مما يضعها في موقف حرج ويقيد قدرتها على التواصل أو التنقل بحرية.
وتأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه العلاقات بين الرئيس سلفا كير ونائبه الأول المعتقل توترًا متصاعدًا، وسط تبادل للاتهامات بخرق اتفاق تقاسم السلطة، وزيادة المخاوف من انهيار العملية السياسية برمتها. وبينما تحذر تقارير أممية من أن جنوب السودان تقف على حافة صراع واسع النطاق، تلتزم حكومة جوبا الصمت حيال الدعوات الدولية المتكررة لإطلاق سراح المعتقلين السياسيين أو استئناف الحوار الشامل.
بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان (يونميس) عبرت عن قلقها العميق إزاء التصعيد، مؤكدة أن البلاد تقف على “شفا الانزلاق” نحو العنف مجددًا، بينما أصدرت سفارات غربية، من بينها السفارة الأمريكية، بيانات تطالب الرئيس سلفا كير بالتراجع الفوري عن هذه الخطوات التصعيدية التي من شأنها أن تزعزع الاستقرار الهش الذي تعيشه البلاد منذ توقيع اتفاق السلام.
وبينما تتابع الدوائر الدبلوماسية والإقليمية تطورات الأزمة في جنوب السودان بقلق بالغ، تبقى التساؤلات قائمة حول مدى قدرة الحكومة الحالية على الحفاظ على ما تبقى من اتفاق تقاسم السلطة، في ظل تعطل قنوات التواصل السياسي، وغياب أفق واضح لأي حلول توافقية على المدى القريب.