
اغتصبوني أنا لا بنتي: شهادات نساء سودانيات عن العنف الجنسي في الحرب الأهلية
تقارير _ الهدهد نيوز _ تشهد السودان منذ أكثر من عام ونصف حربًا أهلية مدمرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، جعلت من العنف والانتهاكات بحق المدنيين سمة مأساوية لهذا الصراع. من بين أكثر الجرائم فظاعة التي تم توثيقها، تبرز حوادث العنف الجنسي ضد النساء والفتيات، التي استخدمت كوسيلة إرهاب وتدمير ممنهج من قبل بعض الأطراف المتقاتلة.

تأتي هذه الحوادث في ظل انهيار كبير للأمن وانتشار الفوضى، حيث تعاني النساء في مناطق النزاع من اعتداءات وحشية تمس كرامتهن الإنسانية وأمانهن الشخصي. من بين هذه الشهادات المؤلمة التي انتشرت حديثاً، جاءت كلمة امرأة سودانية مكلومة تلخص حجم المأساة والجرأة في قولها: “اغتصبوني أنا لا بنتي”، مشيرة إلى تضحيتها القصوى لحماية بناتها من اعتداءات قوات الدعم السريع التي استهدفت المدنيين.
هذه العبارة تعبر عن الواقع المرير الذي تعيشه نساء السودان في مناطق الصراع، حيث تغلق الأبواب في وجوههن، وتتعرض حياة المدنيات إلى تهديد دائم من قبل قوات مسلحة تستخدم العنف الجنسي كسلاح حرب. يروي الناجون والنازحون قصصًا عن حالات اغتصاب جماعي، واعتداءات جسدية ونفسية، استهدفت النساء بشكل خاص، مما يشكل انتهاكات صارخة للقوانين الدولية وحقوق الإنسان.
النساء في السودان لا يواجهن فقط خطر الاعتداء الجسدي، بل يعانين أيضاً من تبعات نفسية واجتماعية عميقة نتيجة هذه الجرائم. فقدان الأمان، وانهيار الروابط الأسرية، بالإضافة إلى وصمة العار المجتمعية التي قد تلحق بالناجيات، تجعل من مواجهة العنف الجنسي تحديًا مضاعفًا، يتطلب دعماً نفسياً واجتماعياً مستمراً.

تؤكد تقارير منظمات حقوق الإنسان الدولية أن هذه الانتهاكات تتسم بالتنسيق والتنظيم، خاصة في المناطق التي تشهد نزاعات مكثفة بين الجيش وقوات الدعم السريع. وتؤكد أن العنف الجنسي يستخدم كتكتيك لتعزيز السيطرة وإرهاب السكان المدنيين، بهدف إضعاف المجتمعات وتشتيتها.
في ظل هذه الظروف، تعمل بعض المنظمات المحلية والدولية على تقديم المساعدة الطبية والنفسية والقانونية للنساء والفتيات الناجيات من هذه الاعتداءات، رغم الصعوبات الكبيرة التي تواجهها بسبب انعدام الأمن والوضع الميداني المعقد.
يذكر أن آلاف النازحات والنازحين السودانيين يعيشون في مخيمات داخل البلاد مثل زمزم وغيره وخارجها، حيث تتكرر فيه حالات الاعتداء على النساء والفتيات، مما يضاعف معاناتهن ويجعل من الحماية الأمنية أولوية قصوى غير متوفرة في كثير من الأحيان.
على الرغم من نفي بعض الأطراف المسلحة تورطها في أعمال العنف الجنسي، إلا أن الشهادات الميدانية والتقارير المستقلة تؤكد عكس ذلك، ما يفرض على المجتمع الدولي الضغط على جميع الأطراف لضمان تحقيق العدالة ومحاسبة مرتكبي هذه الجرائم.
انتقادات للحكومة لعدم قدرتها على فرض القانون والسيطرة على هذه الانتهاكات، الأمر الذي يستدعي تدخلات عاجلة من قبل الأمم المتحدة والهيئات الدولية لتوفير الحماية الفورية للمدنيين، وتفعيل آليات التحقيق والردع.
هذه الأزمة الإنسانية تؤكد الحاجة الملحة لتحرك دولي حقيقي، بهدف وقف استخدام العنف الجنسي كسلاح في النزاع، وتوفير دعم شامل للضحايا، بما في ذلك خدمات صحية ونفسية وقانونية، مع ضمان احترام كرامة النساء وحقوقهن.
مع استمرار الصراع في السودان وتفاقم الأوضاع الإنسانية، تبقى قصص النساء اللواتي يصرخن بكلمات مثل “اغتصبوني أنا لا بنتي” شاهدة على حجم المعاناة التي تخلفها الحروب على المدنيين الأبرياء، وتذكر العالم بضرورة العمل من أجل السلام والحماية الإنسانية.