
تصعيد خطير بين شركاء اتفاق جوبا.. ومذكرة رسمية للبرهان
الخرطوم – 5 يوليو 2025 _ الهدهد نيوز _ دخلت العملية السلمية في السودان منعطفًا جديدًا من التوتر بعد أن تقدمت أربعة من الكيانات الموقعة على اتفاق جوبا للسلام، بمذكرة رسمية إلى رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، مطالبةً فيها باستدعاء لجنة الوساطة الجنوب سودانية على وجه السرعة، وذلك في ظل تصاعد الخلافات حول تفسير بنود الاتفاق، وتحديدًا ما يتعلق بمسار القضايا القومية وتوزيع السلطة بين الأطراف الموقعة.
ووفقًا لما أدلى به محمد سيد أحمد سر الختم، رئيس كيان الشمال، فإن المذكرة جاءت بتنسيق مشترك مع حركة جيش تحرير السودان – المجلس القيادي بقيادة علي حامد شاكوش، وحركة تحرير كوش بقيادة أسامة دهب، والجبهة الثالثة تمازج بقيادة عكاشة سليمان. وطالبت الأطراف الأربعة بتطبيق اتفاق جوبا وفق نصوصه الأصلية دون أي اجتهادات أو تعديلات، مؤكدة على أهمية الالتزام بمبدأ المشاركة المتساوية في السلطة.
وتُركز المذكرة على ضرورة منح هذه الأطراف حصتها المقررة ضمن نسبة 25% من السلطة، والتي تم تخصيصها لشركاء سلام جوبا، لكنها – بحسب الأطراف الأربعة – أصبحت محتكرة من قبل حركات بعينها مثل العدل والمساواة، وتحرير السودان، والحركة الشعبية، والمجلس الانتقالي، وهو ما أثار حالة من التذمر داخل الكيانات الأخرى الموقعة على الاتفاق.
كما طالبت المذكرة باستدعاء لجنة الوساطة الجنوب سودانية لتقديم تفسير نهائي وواضح للبنود المختلف حولها، وخاصة ما ورد في الباب الأول من اتفاق القضايا القومية، والذي نص على إضافة ثلاثة أعضاء من أطراف الاتفاق إلى مجلس السيادة الانتقالي، إلى جانب تخصيص 25% من مقاعد مجلس الوزراء لهم وفقًا للوثيقة الدستورية.
وفي تعليقه على المذكرة، اعتبر الدكتور محمد عمر، أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية، أن هذه الخطوة تمثل تصعيدًا ضروريًا في ظل ما وصفه بمحاولات بعض الأطراف للاستحواذ الكامل على مكتسبات الاتفاق. وأضاف أن لجنة الوساطة سبق وأن أكدت مرارًا أن الاتفاق يشمل جميع الموقعين، ورفضت علنًا تصريحات بعض قادة الحركات الذين حاولوا حصر المكاسب في كياناتهم فقط.
من جهة أخرى، ورغم أن رئيس مجلس السيادة يُفضل البقاء على الحياد في مثل هذه النزاعات لتفادي اتهامات الانحياز، إلا أن المراقبين يرون أن مسؤوليته تفرض عليه اتخاذ خطوات إجرائية، على الأقل من خلال استدعاء لجنة الوساطة لتوضيح الموقف رسمياً، دون أن يتدخل مباشرة في الخلافات بين الموقّعين.
وتطرح هذه الخطوة تحديات إضافية أمام تنفيذ توصيات أو تفسيرات لجنة الوساطة، إذ أن أي قرار بمنح نسب متساوية لجميع الأطراف قد يصطدم برفض من قبل الحركات التي باتت تسيطر فعليًا على مواقع تنفيذية داخل الحكومة الانتقالية، ما قد يُعقّد المشهد ويؤخر مسارات التوافق.
وفي المقابل، كشفت مصادر مقربة من مكتب رئيس الوزراء كامل إدريس، أن الأخير يراقب تطورات الموقف عن كثب، لكنه لن ينتظر طويلًا. وأشارت المصادر إلى أن إدريس قد يتجه إلى تشكيل الحكومة الجديدة، متجاوزًا خلافات الشركاء، على أن تظل المقاعد المخصصة لشركاء اتفاق جوبا شاغرة لحين توصلهم إلى تفاهم، في إشارة إلى نفاد صبره تجاه حالة الشد والجذب التي تعيق التقدم السياسي.
وتبقى المرحلة المقبلة حاسمة في تحديد ما إذا كانت الأطراف قادرة على تجاوز خلافاتها والعودة إلى روح التوافق التي رافقت توقيع اتفاق جوبا في 2020، أم أن مسار السلام سيشهد مزيدًا من الانقسامات التي قد تقوّض فرص الانتقال الديمقراطي في البلاد.