
الدولار يشتعل في السودان.. والجنيه يواصل الانهيار
متابعات – الهدهد نيوز – تشهد سوق الصرف في السودان حالة غير مسبوقة من الاضطراب، إذ سجّل الدولار الأمريكي ارتفاعاً متبايناً تجاوز في بعض المناطق 3250 جنيهاً، فيما استقر في أخرى عند 3100 جنيه، وسط تفاوت كبير بين أسعار الشراء والبيع. هذا التذبذب الحاد في السوق الموازي ترافق مع توقف عمليات بيع العملات الأجنبية من قِبل التجار، مقابل تركيز واضح على الشراء، تحسباً لارتفاعات وشيكة نتيجة تزايد الطلب وانخفاض المعروض.
المصادر المصرفية أكدت أن القرار الرسمي بوقف التحويلات البنكية للشركات أسهم بشكل مباشر في حالة الارتباك، حيث علّقت العديد من الصفقات، واضطر التجار إلى البحث المحموم عن النقد الأجنبي، في ظل غياب تنظيم واضح لحركة السوق. ووصف خبراء اقتصاديون القرار بأنه إجراء مؤقت يعالج الأعراض لا جذور الأزمة، محذرين من استمرار التدهور في قيمة الجنيه.
في المقابل، لم تشهد أسعار الصرف الرسمية بالبنوك تحديثاً فعلياً منذ أبريل، حيث ظلت عند متوسط 2400 جنيه في عدد من المصارف التجارية. هذا التباين الكبير بين السعر الرسمي والموازي يعكس تآكل الثقة في النظام المصرفي، ويعمّق أزمة “الدولرة” التي باتت السمة الأبرز في التداولات المالية اليومية.
التطورات السياسية الأخيرة، ولا سيما إعلان جهتين متنازعتين تشكيل حكومتين متوازيتين، وتصريحات تحالف تأسيس حول إصدار عملة بديلة، دفعت العديد من الأفراد والشركات إلى التحول نحو العملات الأجنبية كمخزن للقيمة، مما زاد الضغط على السوق.
تشير بيانات موقع “أخبار السودان” إلى أن الجنيه السوداني فقد نحو 650 جنيهاً خلال أيام قليلة فقط، مقارنة بمتوسط سعر الدولار قبل عامين والذي لم يكن يتجاوز 560 جنيهاً، ما يعني تدهوراً بنسبة تقارب 500%. وبلغ سعر الدولار في بعض التعاملات الفردية أكثر من 3350 جنيهاً.
في هذه الأجواء، ارتفعت أسعار باقي العملات الأجنبية، حيث وصل الريال السعودي إلى 853 جنيهاً، والجنيه المصري إلى نحو 65.7 جنيهاً، والدرهم الإماراتي تجاوز 870 جنيهاً. كما تجاوز اليورو 3600 جنيهاً، وبلغ الجنيه الإسترليني أكثر من 4200 جنيهاً في السوق الموازي، بينما اختلفت أسعارها بشكل كبير بين البنوك بحسب توفر التحديثات.
الطلب على النقد الأجنبي في تصاعد متواصل، فيما تعاني البنوك من تراجع كبير في التمويل الخارجي والودائع، وسط اعتماد متزايد من قبل بنك السودان المركزي على طباعة العملة لتغطية النفقات، دون وجود احتياطي نقدي داعم، ما يسهم في تفاقم معدلات التضخم بصورة يومية.
الأسواق باتت تشهد تغيراً في الأسعار خلال اليوم الواحد، حيث تختلف من تاجر إلى آخر بفروقات تصل إلى العشرات من الجنيهات، ما يجعل السوق في حالة سيولة كاملة ويصعّب على المواطنين والتجار وضع تقديرات مستقرة لأي تعاملات مالية.
في ظل هذه المعطيات، تبقى مؤشرات التعافي بعيدة المنال، خاصة مع استمرار الحرب والانقسام السياسي، بينما يتوقع مراقبون أن تستمر الضغوط على الجنيه في المدى القريب، ما لم تُتخذ إجراءات جذرية لإعادة هيكلة النظام المالي والمصرفي وضبط السوق.