
الكشف عن صراع خفي يعصف بسماء السودان
متابعات _ الهدهد نيوز _ تعيش مؤسسات الطيران في السودان على وقع توتر متصاعد بين سلطة الطيران المدني وشركة المطارات القابضة، وسط تبادل اتهامات مكتوم، وخلافات إدارية وتنظيمية باتت تهدد استقرار أحد أهم القطاعات السيادية والحيوية في البلاد. وتفيد مصادر مطلعة بأن العلاقة بين الجهتين اتخذت خلال الأسابيع الماضية منحى متشنجًا، بسبب تداخل الاختصاصات وعدم وضوح آليات التنسيق، في وقت تستعد فيه الحكومة الانتقالية لإعادة تشغيل مطار الخرطوم الدولي وفتح المجال الجوي تدريجيًا أمام الملاحة الدولية.
وتتمحور أبرز نقاط الخلاف حول من يملك سلطة اتخاذ القرار بشأن تشغيل المطارات وإدارة المجال الجوي، خاصة في ظل غياب قانون واضح ينظّم العلاقة بين سلطة الطيران المدني التي تتبع لوزارة الدفاع، وشركة المطارات القابضة التي تم إنشاؤها بموجب قرارات سابقة تتعلق بتطوير البنية التحتية الجوية. ويقول مراقبون إن عدم وضوح الصلاحيات تسبب في شلل إداري ببعض المطارات العاملة، وتأخر في تنفيذ مشروعات إعادة التأهيل، إلى جانب ارتباك في إدارة الطواقم الفنية والمسؤولين عن الأمن والسلامة الجوية.
وتضيف مصادر داخل القطاع أن الخلافات اشتدت في الآونة الأخيرة بعد أن بدأت شركة المطارات القابضة بإصدار تعميمات تنظيمية مستقلة دون الرجوع إلى سلطة الطيران المدني، ما اعتُبر تجاوزًا للبنية القانونية القائمة، فيما ترى الشركة أن لديها تفويضًا يتيح لها الإشراف الكامل على عمليات التشغيل والصيانة والتطوير.
ويأتي هذا النزاع الإداري في وقت بالغ الحساسية، إذ يعوّل السودانيون على قطاع الطيران كمدخل مهم لانفتاح البلاد على العالم الخارجي، وتنشيط الحركة الاقتصادية بعد أشهر طويلة من الإغلاق والعزلة جراء الحرب. كما أن التوتر الداخلي بين مؤسسات الطيران يمكن أن يعرقل التفاهمات الجارية مع شركات الطيران الأجنبية، ويضعف الثقة الدولية في قدرة السودان على إدارة أجوائه ومطاراته وفقًا للمعايير العالمية.
وسط هذه الأجواء، دعا مختصون في مجال النقل الجوي إلى ضرورة تدخل مجلس الوزراء لوضع حد لهذا التنازع المؤسسي، وتحديد الأدوار والمسؤوليات بوضوح، تجنبًا لتكرار الأزمات أو تعريض سلامة الطيران المدني لأي تهديد. كما ناشد العاملون في القطاع ضرورة تغليب المصلحة الوطنية والعمل بروح الفريق الواحد، خاصة في ظل المرحلة المفصلية التي تمر بها البلاد، حيث يتطلب الوضع تماسكًا مؤسسيًا وليس انقسامًا يضعف صورة السودان في الخارج.