اخبار

مصدر يكشف رحيل خازن الأسرار وصانع الصمت الحكيم في كواليس الإسلاميين

متابعات _ الهدهد نيوز

مصدر يكشف رحيل خازن الأسرار وصانع الصمت الحكيم في كواليس الإسلاميين

متابعات – الهدهد نيوز _ ودّعت الساحة السودانية اليوم واحدًا من أكثر الشخصيات غموضًا وتأثيرًا في آنٍ واحد، برحيل الدكتور عوض بابكر، المدير السابق لمكتب الشيخ حسن الترابي، والذي وافته المنية بمستشفى عطبرة بولاية نهر النيل، بعد معاناة طويلة وصامتة مع المرض.

 

الدكتور عوض لم يكن مجرد موظف إداري عابر في مكتب سياسي، بل كان يُعرف داخل أوساط الحركة الإسلامية بأنه “خازن أسرار الشيخ”، و”الظل الموازي للترابي”. سنوات طويلة قضاها ملازمًا للراحل الترابي في كل مراحله السياسية والدعوية، من التأسيس إلى التحولات الكبرى، إلى الخلافات الحادة، ثم العزلة السياسية. هذا القرب منح عوض مكانة خاصة لا يتمتع بها سوى القلة النادرة، فكان المرافق، والمستشار، والمُدبر لكثير من تفاصيل التنظيم بعيدًا عن الأضواء.

وقد نعت عدد من الشخصيات الإعلامية والسياسية الراحل، بينهم الإعلامية سلمى الكباشي، مديرة مكتب قناة الجزيرة بالسودان، التي وصفته في منشور مؤثر بأنه كان وفياً وملتزماً و”كاتم الإكْنان وساتر الإبْطان”، في إشارة إلى تحفظه العميق وسرّيته التي ظلت ملازمة له حتى آخر أيامه.

إعلان

 

 

 

ويصف مقربون من الرجل أنه لم يكن من هواة التصريحات، ولا يظهر في المناسبات العامة، لكنه كان حاضرًا بقوة في لحظات صنع القرار، وغالبًا ما يتم الرجوع إليه حين يتعذر الوصول إلى الترابي، أو حين تُطرح أسئلة كبرى لا تحتمل التداول العلني. لقد عرف الكثير، لكنه لم يقل شيئًا، وظل وفيًا للمنهج الذي نشأ فيه، لا يخون الأسرار ولا يفرّط في الثوابت.

 

 

 

العارفون بتاريخ الحركة الإسلامية السودانية يدركون أن عوض بابكر كان من الشخصيات القليلة التي أدركت خفايا مرحلة الإنقاذ، وتحولات ما بعد المفاصلة، وصراعات ما وراء الكواليس بين التيارات الإسلامية المختلفة. البعض يذهب إلى أنه كان مستودع معلومات نادرة عن لقاءات وتحالفات تمت في الظل، وقرارات مصيرية تم تمريرها بصمت.

مع رحيله، يطوى جزء خفي من ذاكرة التنظيم الإسلامي في السودان، وربما لا تُفتح تلك الصفحات مجددًا، لأن صاحبها حملها معه بصمت إلى القبر. وتطرح وفاته أيضًا تساؤلات حول مصير كثير من الوثائق والمراسلات التي كانت بين يديه، والمرتبطة بواحدة من أكثر المراحل تعقيدًا في تاريخ السودان السياسي المعاصر.

 

 

 

يقول أحد رفاقه السابقين: “لم يكن عوض بابكر مجرد سكرتير… كان قناة نقل فكر، وفلتر قرارات، ومحل ثقة مطلقة لدى الترابي، لا لذكائه فحسب، بل لأمانته التي لم تكن محل شك يومًا”. وأضاف: “في زمن صار فيه الجميع يتحدث عن كل شيء، ظل هو صامتًا حتى الرمق الأخير، محافظًا على عهدٍ لم يحنث به”.

ويمثّل رحيله خسارة حقيقية للتيار الإسلامي، ليس فقط لما كان يحمله من أسرار وذكريات، بل لما كان يتمتع به من اتزان وهدوء نادرين، جعلاه مرجعية أخلاقية لكثير من الكوادر الجديدة التي تربت على يديه.

 

 

 

رحل الدكتور عوض بابكر، وبقيت قصته بلا كتاب. وربما لن تُروى يومًا، لكن من عرفوه يقولون إن من يُؤتمن على أسرار الترابي، ليس بحاجة إلى رثاء، يكفيه أنه أدى ما عليه ورحل بصمت يشبه صمته في الحياة.

إعلان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى