
حدث سااار هبوط أول طائرة في دارفور منذ اندلاع الحرب
متابعات _ الهدهد نيوز _ في تطور إنساني هو الأول من نوعه منذ اندلاع النزاع المسلح في السودان قبل أكثر من عام، أعلنت منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة عن وصول أول رحلة مساعدات إنسانية إلى إقليم دارفور، ضمن جسر جوي تنفذه بعثة الاتحاد الأوروبي لنقل الإغاثة للمناطق المتأثرة بالحرب. وأفادت المنظمة في بيان رسمي من مكتبها في بروكسل، أن الرحلة الأولى من ثلاث رحلات مخططة هبطت هذا الأسبوع داخل الإقليم الذي يعاني أوضاعًا مأساوية، دون الإفصاح عن اسم المطار الذي استقبل الطائرة، في ظل استمرار السيطرة الميدانية لقوات الدعم السريع على مطار نيالا وعدد من المناطق الأخرى في غرب البلاد.
الرحلة التي وصفت بـ”الاختراق الإنساني”، نقلت نحو 21 طنًا متريًا من المساعدات المنقذة للحياة، والتي تم توزيعها عبر فرق تابعة لمنظمة الهجرة وشركائها المحليين في منطقة يصعب الوصول إليها، مما يسلط الضوء على التحديات التي تواجه وكالات الإغاثة الدولية في ظل الانفلات الأمني المتواصل والدمار الواسع للبنية التحتية. ووفق ما نقلته المنظمة، فإن ما يقارب 35 طنًا إضافيًا من المساعدات الإنسانية باتت في طريقها إلى دارفور خلال الأيام القادمة، ما يشير إلى تحرك فعلي على صعيد الاستجابة الدولية لمحنة ملايين المدنيين العالقين في مناطق النزاع.
وتقدّر الأمم المتحدة عدد النازحين في السودان بنحو 10 ملايين، نصفهم يتمركزون في دارفور التي تعاني من أزمة إنسانية متفاقمة، حيث تشير التقارير الأممية إلى أن 79% من سكان الإقليم باتوا في حاجة ماسة لمساعدات إنسانية عاجلة وحماية دولية، في ظل استمرار أعمال العنف، والانتهاكات، وانعدام أبسط مقومات الحياة.
ويتزامن هذا التطور مع دخول موسم الأمطار في السودان، والذي يمتد من يونيو وحتى أكتوبر، ويُعرف بتأثيراته المزدوجة على الحياة اليومية، حيث يتسبب في عزلة الكثير من المناطق بسبب السيول ورداءة الطرق، كما يؤدي إلى ارتفاع معدلات الإصابة بالأمراض المنقولة بالمياه والحشرات، لا سيما في ظل الانهيار شبه الكامل للقطاع الصحي، مما يزيد من معاناة الأسر التي أنهكها النزوح والجوع.
وتُعد دارفور من أكثر مناطق السودان تأثرًا بالأمطار، حيث تؤدي الفيضانات إلى تدمير المزارع والطرقات، وتفاقم أزمة الإمداد الغذائي، في وقت استنفدت فيه أغلب الأسر مخزونها السنوي من المحاصيل الزراعية، ما ينذر بحدوث موجات جوع وارتفاع في معدلات سوء التغذية، خصوصًا وسط الأطفال والنساء.
وتشير توقعات مركز المناخ التابع لمنظمة الإيقاد إلى أن السودان سيشهد هذا العام معدلات هطول أعلى من المتوسط، خصوصًا في شمال وشرق وجنوب دارفور، ما قد يزيد من تعقيد الأوضاع على الأرض، لا سيما في ظل التوترات المتصاعدة بين الرعاة والمزارعين خلال فصل الخريف، إذ غالبًا ما تشهد هذه الفترة اشتباكات دموية بسبب تداخل المواشي مع الأراضي المزروعة، وغياب آليات فعالة لفض النزاعات المحلية.
هبوط طائرة المساعدات في دارفور يمثل بارقة أمل وسط الظلام، لكنه يكشف في ذات الوقت عن حجم الأزمة التي يعيشها الإقليم، ويؤكد أن الوضع الإنساني ما زال بحاجة إلى تدخلات أوسع وأكثر جرأة من المجتمع الدولي، خاصة في ظل استمرار الحرب وتعثر الحلول السياسية، فيما يبقى المدنيون وحدهم في مواجهة الموت البطيء.