إعلان
منوعات

أسرار النوبة القديمة

منوعات _ الهدهد نيوز

إعلان

أسرار النوبة القديمة

إعلان

متابعات _ الهدهد نيوز _ في الخامس من أبريل عام 2023، شهدت مدينة دنقلا القديمة في شمال السودان حدثًا أثار دهشة العالم العلمي والثقافي على حد سواء، حيث تمكن فريق من علماء الآثار البولنديين التابعين لجامعة وارسو من اكتشاف غرفة مخفية داخل أحد المباني القديمة، تحتوي على رسومات دينية فريدة ولوحات فنية مذهلة تعود إلى الحقبة المسيحية في النوبة. الاكتشاف الذي تم في قلب العاصمة القديمة لمملكة المقرة، قلب موازين فهمنا لتاريخ السودان الثقافي والديني، وأعاد تسليط الضوء على إرث حضاري ظل مدفونًا لقرون.

 

إعلان

 

 

إعلان

 

 

الغرفة التي تم العثور عليها كانت مغلقة بعناية خلف جدران طينية تعود إلى القرن السابع عشر، وهو ما أدهش الفريق العلمي، إذ تبيّن لاحقًا أنها لم تُفتح منذ مئات السنين، وربما أُغلقت عمدًا لحماية محتواها. وقد كشفت الجدران الداخلية عن لوحات جدارية ملونة بشكل مذهل، تمثل مشاهد مسيحية نادرة، أبرزها تصوير الملك النوبي ديفيد راكعًا أمام المسيح، والعذراء مريم، بالإضافة إلى الملك ميخائيل، وهو ما اعتبره الفريق بمثابة سجل ديني مرئي غير مسبوق من تلك الحقبة.

 

 

 

 

هذا الاكتشاف أثار جدلاً واسعًا في الأوساط العلمية، إذ بيّن مدى تطور الفنون الدينية في السودان خلال العصور الوسطى، وأثبت بما لا يدع مجالًا للشك أن الممالك النوبية لم تكن فقط مراكز دينية، بل أيضًا حضارية وثقافية متقدمة، حيث امتزج الفن بالمعتقد، وانعكس على جدران المعابد والكنائس آنذاك. اللوحات كانت في حالة حفظ ممتازة، ما سمح للخبراء بتحليل تفاصيل الألوان والتقنيات المستخدمة، والتي بيّنت مدى رقي الصنعة النوبية، وتأثرها بالمدارس البيزنطية والمصرية في ذات الوقت.

 

 

 

 

 

المثير في الأمر أن الاكتشاف تم ضمن أعمال مشروع أثري طويل الأمد يُعرف باسم “UMMA”، تشرف عليه جامعة وارسو، ويهدف إلى فهم التفاعل بين المجتمعات الإسلامية والمسيحية في منطقة دنقلا خلال العصور الوسطى. ويُعد هذا المشروع واحدًا من أهم المساعي الحديثة لفهم تعقيدات التاريخ النوبي بعيدًا عن الروايات التقليدية التي كانت تركّز على فترة ما بعد الإسلام فقط. هذا الاكتشاف ألقى الضوء على تعايش حضاري طويل بين الأديان في السودان، يظهر من خلال الرموز والكتابات الموجودة على الجدران، والتي دمجت ما بين المعتقد المسيحي والزخارف المحلية.

 

 

 

 

ما يجعل هذه القصة أكثر إثارة هو أنه لم يكن يتوقع أحد أن تكون هذه الغرفة موجودة أساسًا، بل كانت مغطاة بطبقة طينية أخفت معالمها تمامًا. ويعتقد بعض الخبراء أن هذا الإخفاء كان متعمدًا إما لحمايتها من غزوات محتملة، أو لاعتبارات دينية مرتبطة بتحول المجتمع في تلك الفترة. وبغض النظر عن السبب، فإن عثور الفريق على هذا الكنز الفني أعاد كتابة فصل جديد في تاريخ السودان القديم، وسلط الضوء على إرث ثقافي لا يزال في كثير من جوانبه مجهولًا بالنسبة للعالم.

 

 

 

 

الاكتشاف حظي بتغطية إعلامية واسعة على مستوى عالمي، وتصدّر عناوين صحف بارزة، كما تداولته منصات التواصل الاجتماعي بكثافة، حيث أثار فضول المستخدمين حول العالم، الذين رأوا في الصور مشاهد لم يسبق لهم أن رأوها من تاريخ النوبة. البعض شبّه الحدث بالعثور على كنز أثري يشبه اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون في مصر، نظرًا لأهمية اللوحات وما تحمله من رمزية.

 

 

 

ولم تكن ردود الفعل العلمية وحدها هي التي طغت، بل شهدت المنطقة حركة سياحية متزايدة بعد الإعلان عن الاكتشاف، مع اهتمام متجدد بالمواقع الأثرية في السودان، والتي طالما طغى عليها ظل الأهرامات المصرية في الإعلام العالمي. فهل يكون هذا الاكتشاف هو بداية مرحلة جديدة من الوعي العالمي بإرث السودان الثقافي الغني؟ هذا ما ستجيب عليه السنوات المقبلة، خاصة إذا ما استمرت أعمال التنقيب بنفس الزخم، وكُشف المزيد من الغرف والمخطوطات.

إعلان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إعلان
زر الذهاب إلى الأعلى