
خبراء يكشفون أسباب عودة السوق السوداء للدولار
القاهرة – الهدهد نيوز – تزايدت التساؤلات مؤخرًا حول عودة نشاط السوق السوداء للعملات الأجنبية في مصر، رغم ما أعلنته الحكومة من توفر الدولار داخل البنوك الرسمية، والإجراءات الأمنية التي تُنفذها وزارة الداخلية لمكافحة المضاربة غير القانونية.
وكشفت وزارة الداخلية المصرية، في بيان رسمي نُشر عبر صفحتها على “فيسبوك”، عن ضبط عدد من قضايا الاتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة فقط، بقيمة تجاوزت 10 ملايين جنيه مصري. ووصفت الوزارة هذه العمليات بأنها تشكل خطرًا مباشرًا على الاقتصاد الوطني، خاصة في ظل محاولات الدولة لضبط السوق المصرفي وتعزيز الثقة فيه.
وتعليقًا على هذه الظاهرة، قال الخبير الاقتصادي الدكتور وائل النحاس في تصريحات لصحيفة “الشرق الأوسط” إن الفجوة السعرية بين السوق الرسمي والموازي قد لا تتجاوز 30 إلى 50 قرشًا، إلا أن بعض الفئات لا تزال تلجأ إلى السوق السوداء. وأشار إلى أن من بين هؤلاء اللاجئين أو المقيمين الأجانب الذين لا يمكنهم إثبات مصادر دخلهم بالدولار، وكذلك الأفراد الذين يتلقون تحويلات خارجية من أقاربهم.
وأوضح النحاس أن استمرار السوق الموازية يعكس وجود أنشطة استيرادية غير رسمية لا تستطيع الحصول على الدولار من البنوك، ما يدفعها إلى التعامل مع قنوات غير قانونية للحصول على العملة الأجنبية.
من جانبه، اعتبر الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادي، أن بعض المستثمرين يحتفظون بالدولار كمخزون تحوطي، تحسبًا لأي تقلبات مستقبلية في سعر صرف الجنيه. وأضاف أن هناك من يتعامل مع السوق السوداء بدافع اعتقاد شائع بأن الدولار سيرتفع مجددًا، مما يدفعهم للمضاربة وشراء العملة الأجنبية بعيدًا عن القنوات الرسمية.
ورغم الجهود الحكومية لضبط السوق، فإن استمرار وجود قنوات موازية يعكس الحاجة إلى مراجعة بعض السياسات المصرفية، وتيسير الإجراءات المتعلقة بتبديل العملات للأفراد غير المسجلين رسميًا في النظام المصرفي.
وتشير البيانات الرسمية إلى أن مصر سجلت مؤخرًا ارتفاعًا ملحوظًا في تحويلات العاملين بالخارج، حيث بلغت نحو 26.4 مليار دولار بين يوليو 2024 ومارس 2025، بزيادة تجاوزت 82% مقارنة بالعام السابق، مما يُعد مؤشرًا إيجابيًا على تدفق النقد الأجنبي إلى البلاد.
في المقابل، عانت قناة السويس، وهي أحد أبرز مصادر العملة الصعبة للبلاد، من تراجع في العائدات بأكثر من 7 مليارات دولار خلال العام الماضي، مما زاد من الضغط على سوق الصرف، ودفع الحكومة لمضاعفة جهودها لجذب الاستثمارات وتحسين تدفق العملات الأجنبية.
ويؤكد مراقبون أن القضاء التام على السوق السوداء يتطلب استمرار جهود ضبط السوق، إلى جانب تعزيز الثقة في النظام المصرفي، وتوسيع قاعدة المستفيدين من الخدمات البنكية لتشمل الفئات غير الرسمية.