
جبريل يكشف تفاصيل التشكيل الوزاري ومخطط الدعم السريع
متابعات _ الهدهد نيوز _ كشف وزير المالية السوداني ورئيس حركة العدل والمساواة، الدكتور جبريل إبراهيم، في حوار خاص مع الجزيرة نت، عن تفاصيل دقيقة تتعلق بالتشكيل الوزاري المنتظر في السودان، مبدياً ترحيبه بتعيين رئيس وزراء مدني للمرحلة المقبلة، ومعتبراً هذه الخطوة مؤشراً إيجابياً نحو التحول المدني في البلاد.
وأكد جبريل أن رئيس الوزراء الجديد، كامل إدريس، سيواجه تحديات كبيرة تتطلب مشاورات واسعة وسريعة من أجل تشكيل حكومة قادرة على مجابهة الوضع الراهن. وأشار إلى أن إدريس قد يضطر إلى إعلان جزئي لمجلس الوزراء، لا سيما في ما يتعلق بالوزارات المرتبطة بأطراف اتفاق جوبا للسلام، إضافة إلى وزارتي الداخلية والدفاع، واللتين يقع اختيارهما على عاتق مجلس السيادة، ممثلاً في القوات المسلحة.
وأوضح جبريل أن اتفاق السلام ينص صراحة على احتفاظ شركاء السلام بالمقاعد التي حصلوا عليها خلال الفترة الانتقالية، وأن بإمكان تلك القوى تغيير ممثليها أو التنسيق مع رئيس الوزراء لتعديل مواقعهم داخل مجلس الوزراء. وقال إن أي تغييرات تظل ضمن صلاحيات تلك الحركات، بشرط أن يتم ذلك بالتشاور مع رئيس الوزراء، مع بقاء القرار النهائي بيد الحركة المعنية.
وفي ما يخص إقليم دارفور، أقر جبريل بأن الحرب القائمة منعت تنفيذ الالتزامات المالية الواردة في اتفاق جوبا، موضحاً أن “أي أموال مخصصة لدارفور لم تُسلّم بسبب النزاع المسلح”، وشدد على أن مهمته كوزير مالية تتطلب العدالة في توزيع الموارد بين كافة ولايات السودان، وليس فقط مناطق الهامش.
وعن الأوضاع الإنسانية في الفاشر، أكد جبريل أن المدينة تعاني من حصار خانق تفرضه قوات الدعم السريع منذ أكثر من عام، في إطار سياسة تجويع ممنهجة أدت إلى نزوح أعداد كبيرة من المدنيين. ولفت إلى أن عملية فك الحصار عبر الإسقاط الجوي أصبحت شبه مستحيلة بسبب امتلاك الدعم السريع لأنظمة دفاع جوي قادرة على إسقاط الطائرات، مؤكداً في الوقت نفسه أن الجيش السوداني والقوات المساندة لديه العزيمة الكاملة لإنهاء الحصار، ولكن الأمر يتطلب وقتاً وخطة عسكرية دقيقة.
وفي انتقاد واضح للأمم المتحدة والمنظمات الدولية، اتهم جبريل هذه الجهات بالتقاعس في القيام بدورها الإنساني تجاه المدنيين في دارفور، خصوصاً مدينة الفاشر، قائلاً إن الأمم المتحدة لم تفعل ما يكفي لتطبيق قرار مجلس الأمن الخاص بفك الحصار، وإن الدعم السريع لا يزال يمنع وصول المساعدات الإنسانية، مشيراً إلى حادثة إحراق قافلة مساعدات قرب الكومة.
وتطرق جبريل إلى التطورات العسكرية الأخيرة، مشيراً إلى أن الجيش السوداني تمكن منذ سبتمبر الماضي من تحرير مساحات شاسعة من العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة، مضيفاً أن التراجع الأخير في بعض الجبهات لا يعني ضعفاً وإنما هو جزء من طبيعة الحرب التي تعتمد على الكر والفر، وأكد أن الجيش قادر على الوصول إلى أي نقطة داخل السودان.
وردّاً على الاتهامات الموجهة للجيش السوداني بشأن استخدام أسلحة كيميائية، وصف جبريل هذه الادعاءات بأنها “محض افتراء”، داعياً إلى تشكيل لجنة دولية محايدة لتقصي الحقائق، شريطة أن تكون مستقلة وذات مصداقية.
وفي ملف التدخلات الأجنبية، كشف جبريل عن وجود مرتزقة أجانب في صفوف قوات الدعم السريع، بعضهم من كولومبيا، تم رصدهم في مناطق النزاع، إضافة إلى معلومات استخباراتية تؤكد انطلاق طائرات مسيرة من ميناء بوساسو بالصومال – الخاضع لسيطرة إقليم بونتلاند – لاستهداف مدينة بورتسودان، مدعومة بطائرة حربية متقدمة قامت بأعمال تشويش أثرت على حركة الملاحة الجوية والبحرية في المنطقة.
وفيما يتعلق بإمكانية العودة إلى طاولة المفاوضات، أكد جبريل أن الجبهة التي يمثلها منفتحة على الحوار منذ بداية الحرب، لكنه شدد على أن الدعم السريع فقد قراره المستقل ولم يعد يمتلك زمام المبادرة، معتبراً أن الحل الوحيد هو التفاوض مع القوى الإقليمية أو الدولية التي تقف خلفه. وأوضح أن الشعب السوداني لن يقبل بأي اتفاق يعيد الدعم السريع إلى المشهد السياسي أو العسكري، وإنما يجب أن تؤول قواته إلى معسكرات الدمج والتسريح وفق المعايير المعروفة.
وفي الشأن الاقتصادي، نفى جبريل وجود أزمة غذاء شاملة في السودان، مشيراً إلى نجاح البلاد في إنتاج كميات كبيرة من الذرة والدخن خلال موسمي الحرب الماضيين، ما سمح حتى بتصدير بعض الغلال إلى دول الجوار. وأكد أن النقص الغذائي يتركز فقط في المناطق المحاصرة مثل الفاشر وكادقلي، وأن الحكومة تعمل حالياً على إنجاح الموسم الزراعي المقبل من خلال توفير الوقود، والأسمدة، والبذور، بالتعاون مع منظمات دولية وجهات تمويلية.
وختم جبريل حديثه بالإشارة إلى مبادرة سياسية مشتركة جديدة تطرحها قطر ومصر والسعودية وتركيا، معتبراً أن تعدد الأطراف المشاركة يعزز فرص نجاحها، شرط أن تظل بعيدة عن أي تدخل أمريكي، لأن “للولايات المتحدة أجندة خاصة، وأي تدخل منها في مبادرات الحل سيؤدي إلى فشلها”.