
رئيس وزراء سوداني مرتقب
الخرطوم – الهدهد نيوز
يستعدّ رئيس مجلس السيادة الانتقالي والقائد العام للقوات المسلحة السودانية الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان لإصدار قرار خلال الأيام القليلة المقبلة بتعيين رئيس وزراء جديد يتمتّع بصلاحيات تنفيذية موسَّعة، في محاولة لسدّ الفراغ الحكومي المستمر منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023. فمنذ إعلان تكليف السفير دفع الله الحاج قبل نحو ثلاثة أسابيع، بقي المنصب شاغراً فعلياً بسبب تعذّر عودته من الخارج، الأمر الذي أثار تساؤلات حول قدرة مجلس السيادة على تجاوز خلافاته الداخلية واعتماد حكومة كاملة الصلاحيات. مصادر مطّلعة تربط تباطؤ الإجراءات بـ«تقاطع المصالح» داخل المجلس، ما حال دون صدور المرسوم المنتظر.
استمرار غياب السلطة التنفيذية أدّى إلى تعدّد مراكز اتخاذ القرار وأربك الوزارات السيادية والمؤسسات الخدمية، فضلاً عن تعطيل مساعي الخرطوم لاستعادة علاقاتها الدبلوماسية الطبيعية. فما يزال تجميد عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي معلَّقاً على تشكيل حكومة انتقالية ذات تمثيل مدني مقنع، بينما تتطلّب دول مثل تركيا وروسيا والصين جهة تنفيذية واضحة لإحياء الاتفاقيات الثنائية والمشاريع المجمّدة. وفي الخليج، يترقّب معظم المانحين—باستثناء الإمارات، التي تحتفظ بقنوات اتصال مباشرة—تشكيل الحكومة لفتح صفحة جديدة تتعلّق بضخ الاستثمارات في الطاقة والزراعة والبنية التحتية والمشاركة رسمياً في جهود إعادة الإعمار.
الفراغ المؤسسي القائم أتاح، وفق محللين، بيئة ملائمة لدوائر الفساد والنشاطات الموازية التي «تنمو في الظلام»، مستفيدة من هشاشة منظومة الرقابة وتشتّت المسؤوليات، بينما يخشى الخبراء أن يفاقم استمرار التعطيل من تعقيدات توحيد الصف الوطني لمواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية، ويمنح خصوم السودان فرصة لتعزيز الضغط السياسي والاقتصادي. وتشير التسريبات إلى أن السيناريو الأقرب هو اعتماد رئيس وزراء بصلاحيات واسعة تخوِّله الإشراف المباشر على الوزارات لتنفيذ إصلاحات عاجلة في المالية والخدمات العامة وبرامج الإعمار. ومع ذلك،
لا تُستبعد خيارات أخرى مثل توسيع مجلس السيادة بضمّ شخصيات مدنية من الأقاليم المتضررة—وهو مسار يحتاج إلى توافق سياسي نادر—أو لجوء القائد العام إلى إعلان حالة الطوارئ الكاملة وتولّي سلطات رئاسية وتنفيذية مؤقتة، وهو خيار يفتقر إلى الإجماع ويواجه اعتراضات خارجية حادّة.
الشركاء الدوليون سيربطون أي خطوة لرفع التجميد أو استئناف الدعم المالي بظهور الحكومة ووضوح برنامجها التنفيذي، مع مراقبة تركيبتها للتأكد من قدرتها على الصمود حتى موعد الانتخابات المأمول بعد انتهاء النزاع. وعليه يُتوقع أن يحدد الإعلان المرتقب عن رئيس الوزراء مسار الإصلاحات المقبلة ومصير العلاقات الخارجية، فإمّا أن ينجح الفريق البرهان في تجاوز الألغام السياسية ويكشف عن التشكيلة المنتظرة خلال أيام، وإمّا تستمر حالة «اللغز» التي وصفها الصحفي عزمي عبد الرازق، فتتعمق حالة الشلل المؤسسي في البلاد.