
طرابلس تغرق في الفوضى
متابعات _ الهدهد نيوز _ استفاقت العاصمة الليبية طرابلس على مشهد مروّع من الدمار والخراب، بعد توقف الاشتباكات المسلحة العنيفة التي اندلعت بين مجموعات مسلحة متناحرة، وتسببت في خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات. وشهدت المدينة خلال اليومين الماضيين مواجهات هي الأعنف منذ سنوات، ما ترك سكان الأحياء المتضررة في حالة من الصدمة والذهول، بينما هرع كثيرون لتفقد منازلهم ومحالهم التجارية التي طالها الدمار.
وتحوّلت مناطق واسعة من المدينة إلى ساحات حرب مفتوحة، حيث دارت اشتباكات عنيفة باستخدام أسلحة ثقيلة ومتوسطة، وسط حالة من الهلع بين المدنيين. وأكد شهود عيان أن أصوات الانفجارات وإطلاق النار لم تتوقف لساعات طويلة، ما أجبر العائلات على الاحتماء داخل منازلها أو الفرار إلى مناطق أكثر أمانًا.
وأظهرت مقاطع فيديو نُشرت على منصات التواصل الاجتماعي حجم الدمار الكبير الذي لحق بالبنية التحتية، إذ تعرضت منازل سكنية لأضرار بالغة، واندلعت الحرائق في عدد من المحال التجارية نتيجة إصابتها بالقذائف، بينما بدت عشرات السيارات محترقة أو مدمرة بالكامل. كما لحقت أضرار بالغة بعدد من المؤسسات الحكومية والخدمية، التي وقعت في مرمى النيران خلال تبادل إطلاق النار.
وتعود خلفية هذه الاشتباكات إلى صراع داخلي على النفوذ والسيطرة داخل طرابلس، بين “اللواء 444 قتال” المدعوم من حكومة الوحدة الوطنية، و”جهاز الردع” الذي يحظى بدعم من قوات قادمة من مدن الغرب الليبي. ويصف محللون هذه المواجهات بأنها امتداد لحالة الانقسام السياسي والأمني الذي تعيشه البلاد منذ سنوات، والذي زاد من تعقيد المشهد الليبي وأعاق جهود الحل السلمي.
وقد دخل اتفاق لوقف إطلاق النار حيّز التنفيذ في وقت متأخر من مساء الأربعاء، بعد تدخل وساطات محلية لضبط الوضع وتهدئة التوتر، حيث انتشرت قوات محايدة على خطوط التماس لمنع تجدد الاشتباكات. إلا أن الوضع لا يزال هشًا، في ظل استمرار وجود المسلحين والعربات المدرعة في الشوارع، وغياب مؤشرات حقيقية على نزع فتيل التوتر بشكل نهائي.
في المقابل، حذرت منظمات حقوقية وإنسانية من تداعيات استمرار التوتر الأمني في طرابلس على المدنيين، مطالبة بضرورة حماية السكان وتحييد الأحياء السكنية عن أي مواجهات مستقبلية، والعمل على تعزيز سيادة القانون وتوحيد المؤسسات الأمنية تحت سلطة واحدة.
وفي ظل هذه التطورات، يبقى المواطن الليبي هو الخاسر الأكبر، وسط استمرار حالة عدم الاستقرار، وغياب أفق سياسي واضح لإنهاء الانقسام. ويأمل السكان أن تثمر الجهود المبذولة عن تهدئة دائمة تضع حدًا لمعاناة مستمرة، وتعيد الأمن والحياة الطبيعية إلى العاصمة الليبية.