
مقتل كباشي يشعل التوتر في كرياندنغو
متابعات _ الهدهد نيوز _ كمبالا – في تطور مقلق يهدد استقرار أحد أكبر معسكرات اللجوء في أوغندا، تصاعدت أعمال العنف داخل معسكر “كرياندنغو” الذي يأوي آلاف اللاجئين من السودان وجنوب السودان، ما دفع السلطات الأوغندية إلى اتخاذ خطوة حاسمة بإرسال تعزيزات من الجيش لمحاولة السيطرة على الوضع المتدهور بعد سقوط قتلى وجرحى في سلسلة هجمات وصفت بالوحشية والمنظمة.
وقعت أحدث الهجمات مساء السبت، حيث أفادت مصادر ميدانية أن جماعات مسلحة استخدمت السواطير والحراب والنشاشيب في هجوم مباغت على المجموعتين السكنيتين “C” و”B” داخل المعسكر، وأسفر الهجوم عن مقتل اللاجئ السوداني كباشي إدريس داخل منزله، فيما نُقل عشرات الجرحى إلى مستشفيات ميدانية وسط أوضاع صحية متدهورة ونقص حاد في الإمدادات الطبية.
وصف شهود عيان المشهد بـ”المرعب”، وأكدت تقارير من مستشفى بندولي أن الإصابات كانت بالغة، خاصة في مناطق الرأس، مما يوضح وحشية الاعتداءات التي قال عنها قادة من مجتمع اللاجئين إنها تحمل بصمات “تنظيم ممنهج ومدروس”، متهمين بعض شباب النوير بالوقوف وراء سلسلة هجمات بدأت يوم الخميس وتكررت ثلاث مرات خلال أربعة أيام.
في ظل حالة الفوضى، أخلت الشرطة المحلية مجموعة “A” بعد تلقي تهديدات مباشرة، لكنها عجزت عن فرض السيطرة التامة، ما دفع الحكومة الأوغندية إلى إعلان الطوارئ، وفرض حظر تجوال ليلي داخل المعسكر، من السابعة مساءً حتى السابعة صباحًا.
وتشير منظمات حقوقية إلى أن جذور العنف تعود إلى صراعات حول الأراضي الزراعية، إلا أن البعض يرى أن للأمر أبعادًا أعمق، تتصل بخلفيات سياسية وإثنية متجذرة، وسط اتهامات صريحة من قادة مجتمع اللاجئين للحكومة الأوغندية بالتقاعس والتواطؤ.
وفي تصريحات مثيرة، قال نور الدين محمد سليمان، أحد أبرز القيادات في المعسكر، إن الهجمات كانت “مدروسة بعناية”، وشارك فيها ما يصل إلى 500 شخص، بعضهم من النساء، مؤكداً أن “ما يحدث يتجاوز شجارًا داخليًا.. إنها اعتداءات مقصودة تستهدف لاجئين بعينهم”.
كما حذر من أن استمرار هذه الهجمات قد يدفع الأسر للفرار نحو بلدات مجاورة أو حتى العودة إلى السودان رغم الحرب، مشيرًا إلى أن الأطفال والنساء يعيشون في رعب حقيقي، وسط غياب شبه تام للحماية.
من جانبها، أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنها تتابع الوضع عن كثب، ودعت إلى فتح تحقيق عاجل ومستقل، فيما تعهد التحالف المدني لقوى الثورة “صمود” بمواصلة الضغط على الحكومة الأوغندية لضمان حماية اللاجئين، مؤكدًا في بيان أن ما يحدث “يمثل جريمة إنسانية بحق أبرياء هربوا من الحرب ليجدوا أنفسهم ضحايا داخل بلد اللجوء”.
بدورها، عبرت منظمات محلية ودولية عن صدمتها من حجم العنف، مطالبة بإجراءات فورية تشمل تعزيز الأمن، وتوفير الرعاية الطبية، وتحقيق العدالة للضحايا، وسط مخاوف من تكرار المشهد في معسكرات أخرى.
في الوقت ذاته، حذّر محامو الطوارئ من أن تصاعد التوتر داخل كرياندنغو قد يُفضي إلى اشتباكات أوسع، خاصة إذا لم تتم محاسبة المتورطين، مشيرين إلى أن خلفيات الصراع تتشابك مع أحداث سابقة في السودان، ما يستدعي تحركًا إقليميًا عاجلًا لتطويق الأزمة.
ويُعد معسكر كرياندنغو من أبرز المستوطنات التي تؤوي لاجئين سودانيين فارين من الحرب الأخيرة، وقد شهد مرارًا حالات توتر مشابهة، لكن مراقبين يؤكدون أن ما يجري هذه المرة يرقى إلى “كارثة إنسانية”، في حال لم يُعالج بالسرعة المطلوبة.