
خارطة طريق جريئة لإعادة مطار الخرطوم إلى الحياة
الهدهد نيوز ــ تبرز الحاجة بشكل ملحّ إلى إعادة تأهيل مطار الخرطوم الدولي ليعود مركزاً جاذباً في خارطة الطيران الإقليمي والدولي، في وقتٍ يشهد فيه السودان تحولات أمنية وسياسية عميقة، وأزمة بنية تحتية خانقة طالت معظم مرافق النقل الجوي، وعلى رأسها المطار الرئيسي للبلاد.
وفي رؤية تحليلية موسعة، اقترح الخبير في شؤون الطيران المدني إبراهيم عدلان، جملة من الخطوات الفنية والتشغيلية العاجلة التي قال إنها يمكن أن تُحدث تحولاً فعلياً في بنية مطار الخرطوم، إذا ما تم تنفيذها بمهنية عالية بعيداً عن الشعارات السياسية، مع الالتزام الكامل بمعايير منظمة الطيران المدني الدولي “الإيكاو”.
وأكد عدلان أن البداية يجب أن تنطلق من معالجة البنية التحتية الأساسية للمطار، وعلى رأسها المدرج ومنطقة الحركة الجوية، من خلال فحص شامل وإعادة تأهيل ممرات التاكسي، وتحسين أنظمة الإضاءة الأرضية وتوسعة مناطق وقوف الطائرات، بما يسمح بزيادة الرحلات التجارية وتقليص زمن الانتظار، لا سيما في فترات الذروة.
وأشار إلى ضرورة تحديث صالات السفر والوصول لتوفير تجربة أكثر كفاءة وأماناً للمسافرين، مع تطوير منظومات الجمارك والجوازات وربطها بأنظمة تقنية متقدمة، إضافة إلى تخصيص ممرات واضحة للرحلات الدولية، وتوسعة مناطق الخدمة داخل الصالات، بما يعزز ثقة شركات الطيران.
وشدد الخبير على أهمية تحديث منظومة الملاحة الجوية، بإعادة تشغيل أنظمة الاتصال والمساعدات الملاحية، والتركيز على تفعيل تقنيات بديلة مثل ADS-B، وربطها بشبكات إقليمية مؤقتة، إلى جانب خطة مرحلية لتطبيق نظام الأداء المستند إلى الملاحة (PBN)، الذي يمثل أحد المعايير الجديدة التي يعتمدها قطاع الطيران العالمي.
وفي ما يتعلق بخدمات المناولة، أوصى عدلان بالتعاقد مع شركات دولية متخصصة، وتوفير معدات تشغيل حديثة وآمنة، وضمان توفر وقود الطيران من مصادر معتمدة عالمياً، مشيراً إلى ضرورة تطبيق منظومة سلامة متكاملة على ساحة الطيران، وتأسيس فرق صيانة واستجابة سريعة لمعالجة الأعطال الفنية، وتقليل زمن دوران الطائرات.
وعلى الصعيد التشغيلي، دعا إلى تطبيع بيئة العمل داخل المطار، من خلال فصل تام بين سلطات الطيران المدني والأجهزة الأمنية، وتكوين إدارة مهنية تتولى الإشراف على عمليات الرقابة الجوية والمراقبة الأرضية، وفقاً لدليل تشغيل المطارات المعتمد دولياً، بما يعزز الشفافية المؤسسية ويحد من التدخلات غير الفنية.
وأوضح عدلان أن من أبرز الخطوات الاستراتيجية لضمان استقطاب شركات الطيران الأجنبية، هو تأسيس آلية مالية واضحة وفعالة لتحويل عائدات التذاكر والمبيعات، وربطها بالبنك المركزي وفق نظام محاسبي عالمي مثل BSP، وذلك لضمان سهولة تدفق الأرباح وتقليل المخاطر المالية التي تواجه الشركات في السوق السوداني.
وفي جانب الترويج الاستثماري، شدد على أهمية إعداد ملف استثماري متكامل، يتضمن خصومات على رسوم الهبوط والملاحة، إلى جانب اتفاقيات مشجعة لشركات الطيران، وخطط ترويجية للخطوط الجديدة، مع ضرورة المشاركة في المنتديات الإقليمية والدولية المتخصصة في صناعة النقل الجوي.
واختتم الخبير رؤيته بدعوة السلطات السودانية إلى اعتماد خطة تشغيل متدرجة، تبدأ من الرحلات الداخلية ثم الإقليمية القصيرة، على أن يتم فتح المجال للرحلات الدولية طويلة المدى بعد استكمال جاهزية البنية التشغيلية والأمنية والمالية.
ويُنظر إلى مطار الخرطوم باعتباره الواجهة الرئيسية لقطاع الطيران السوداني، وقد ظل لسنوات يعاني من مشكلات هيكلية وفنية مزمنة، زادها تعقيداً التوتر الأمني المستمر منذ اندلاع الحرب بين الجيش والدعم السريع. وتطالب جهات محلية ودولية بإعادة تأهيله ضمن خطة وطنية شاملة لإنقاذ قطاع النقل الجوي، وتحقيق الاستقرار الاقتصادي واللوجستي للبلاد.