ياسر الفادني ..الضِعِينُ …الألمُ أنَا…. والحَنظلُ أنتِ
إنا لفي زمن غريب ، المدن لم تعد هي المدن من قبل ، تغيرت وتبدلت منذ أن دخلوها هؤلاء الذين جبلوا علي المعصية والرذيلة ويبحثون عنها ويجهرون بها دون حياء أو خجل ، تبدل الزمان أم تبدل الإنسان؟ ، كل مدينة مستباحة الآن تمطر نكدا وحزنا وألما علي إنفضاض بكارتها حين إغتصاب مغولي سافر ، الشمس تبكي والقمر يتنهد حزنا وما بين نحيب الشمس ودموع القمر تنتحب الفتاة وتنشب المنية أظفارها كل حين
الضعين التي أعرفها لم تعد هي الضعين الوارفة ظلال شجرها ، لم تعد هي التي أهلها يكرمون الضيف وينحرون العشار مودعات، الضعين الآن وفي غفلة من الزمان صارت خشبة مسرح لمسرحية( المهزلة ) التي كتبها (الخوازيق ) النشطاء الذين غاصوا في ظهرها عمالة ، مَثَّلها مغول في نسخة حديثة عاثوا فيها فسادا وإستباحوها كأنها ملكا لهم حين غرور ، مُخرج هذه المسرحية ليس هنا ولكنه يدير فصولها بالمراسلة من دويلة ليس لنا إلا أن ندعوا الله سبحانه وتعالي أن يزلزل عرش ملوكها، خشبة المسرح متسخة بكل ادران الشياطين الحمر القذرة التي نعرفها
الضعين الآن بعد أن كانت مصدرا للخير ومنبعا للتعقل والحكمة الآن صارت مخزنا للمنهوبات كل ماينهب في مدن السودان مكانه الضعين ، البيوت التي كانت( حيشانها) لا تجد فيها إلا الأشجار اليانعة والانعام التي تسمع صياحها ، الآن تجد فناء بيوتها وسوحها ملأي بالسيارات والبكاسي الغالية الثمن ، تلك البكاسي التي ترنموا بها أنها( لأم قرون) ، خسئت أم قرون هذه إن رضيت وابتسمت فرحا بالمال الحرام،( أم قرون ) التي هناك ليست كذلك .. فهي ولدت الرجال الذين نعرفهم وغرست فيهم الرجولة والشهامة والكرم فأم قرون التي يتحدثون عنها هي من عصف خيالهم المريض
المدينة الآن تعيش أسوأ حالاتها منذ أن إستباحوها هؤلاء، تمكن منها قانون الغاب القوي فيها يأكل الضعيف في ظل إفتقاد الأمن وتغول ححاج هذا الزمان بجنودة عليها وعلي أهلها ، معاناة حقيقية اسبغت باغوارها علي المواطنين هناك والآن هم بين مطرقة الانفلات وسندان سطوة الجنجا
إني من منصتي أنظر حيث أري الآن… مدينة عظيمة تشكو وتئن من فرط الألم الذي حل عليها وتبكي علي زمنها( الراح) بكاءا فاق بكاء الخنساء عندما كانت ترثي أخاها صخرا، لكنها حتما…. لا تبكي ….النهاية .