تحديثات Google تغيّر قواعد اللعبة: خوارزميات جديدة تعيد ترتيب المواقع العربية والسودانية في نتائج البحث
منوعات _ الهدهد نيوز

تحديثات Google تغيّر قواعد اللعبة: خوارزميات جديدة تعيد ترتيب المواقع العربية والسودانية في نتائج البحث
منوعات _ الهدهد نيوز _ تشهد شبكة الإنترنت هذه الأيام حالة من الارتباك في صفوف الناشرين وصنّاع المحتوى بعد إعلان شركة Google عن إطلاق تحديث أساسي جديد يحمل اسم “June 2025 Core Update”، والذي بدأ طرحه رسميًا في الثلاثين من يونيو الماضي، ومن المتوقع أن يستمر تأثيره حتى منتصف يوليو. ويأتي هذا التحديث ضمن سلسلة التعديلات الجوهرية التي تُجريها الشركة على خوارزميات محرك البحث ومنصة Google Discover، بهدف تحسين جودة المحتوى الذي يصل إلى المستخدمين، وتقليل انتشار المحتوى منخفض القيمة.
ويُعد هذا التحديث من أكثر التغييرات تأثيرًا على أداء المواقع الإلكترونية، إذ لاحظ العديد من الناشرين، لا سيما في السودان والمنطقة العربية، تراجعًا مفاجئًا في عدد الزيارات ومعدلات الظهور في نتائج البحث ومقترحات “ديسكفر”، ما أثار تساؤلات عديدة حول أسباب هذا التراجع ومدى ارتباطه بالخوارزميات الجديدة.
تغييرات جوهرية في آلية التقييم
بحسب خبراء سيو وتحليلات شركات مثل Moz وSemrush، فإن Google عمدت من خلال هذا التحديث إلى تعديل أسس ترتيب النتائج، من خلال إيلاء أهمية أكبر لما يُعرف بمفهوم “E‑E‑A‑T”، والذي يشير إلى الخبرة، والخبرة المُفعّلة، والموثوقية، والجدارة بالثقة. ويعني ذلك أن المواقع التي تقدم محتوى عالي الجودة، مستندًا إلى مصادر موثوقة، وتُظهر تفاعلًا حقيقيًا من الجمهور، ستحصل على فرص أكبر في الظهور.
وفي هذا السياق، أكدت شركة Google أن التحديث يهدف إلى تحسين تجربة المستخدم، من خلال تسليط الضوء على المحتوى الأصلي، والمفيد، والذي يقدمه كُتّاب يمتلكون خبرة حقيقية في المجالات التي يكتبون عنها. كما تسعى الخوارزميات الجديدة لتقليل الاعتماد على المحتوى المُكرر أو المجمّع من مصادر أخرى، دون قيمة مضافة.
Google Discover: تقلبات حادة في التوصيات
إلى جانب نتائج البحث، تأثر أيضًا أداء Google Discover، وهي المنصة التي تُعد نافذة رئيسية للمستخدمين للوصول إلى الأخبار والمقالات المقترحة. وأفادت تقارير متخصصة بأن العديد من المواقع الإخبارية شهدت انخفاضًا واضحًا في نسبة التفاعل عبر “ديسكفر”، في حين صعدت مواقع أخرى تعتمد على محتوى مرئي تفاعلي ومقالات تحليلية ذات طابع محلي أو متخصص.
ويبدو أن Google باتت تفضّل عرض المقالات التي تلتزم بمعايير الكتابة الصحفية الاحترافية، مع التركيز على العناوين المشوّقة التي تُثير الفضول، وتقديم المعلومات بصورة متوازنة دون تهويل أو تكرار ممل. كما أصبحت التجربة على الهواتف الذكية، وسرعة تحميل الصفحات، وتناسق التصميم، من العوامل الحاسمة التي تؤثر في أولوية الظهور.
المحتوى السوداني.. أمام اختبار حقيقي
في السودان، حيث يعتمد عدد كبير من المنصات الإخبارية على جذب الزوار عبر Google، تطرح هذه التغييرات تحديات جدية تتطلب إعادة النظر في أسلوب التحرير والنشر. إذ أصبحت المواقع مطالبة الآن بكتابة محتوى أكثر أصالة، والابتعاد عن النسخ واللصق، مع ضرورة توثيق المعلومات وتقديمها بلغة سليمة وموثوقة.
ويقول مختصون في الإعلام الرقمي إن هذه التغييرات قد تمثل فرصة للمواقع الجادة التي تسعى لتقديم خدمة إعلامية مستقلة وذات قيمة، بينما قد تتراجع المواقع التي تعتمد فقط على التريند السريع والعناوين المضللة. كما أن المجال أصبح مهيئًا لنمو محتوى محلي يعكس صوت المجتمعات السودانية، وينقل القصص الإنسانية والتنموية بلغة تراعي معايير الجودة والمصداقية.
ما الذي يجب على الناشرين فعله الآن؟
في ضوء هذا التحديث الجديد، يُنصح الناشرون باتباع جملة من الخطوات لضمان التوافق مع معايير Google الجديدة، أبرزها:
- تحسين تجربة المستخدم على الموقع من حيث السرعة وسهولة التصفح.
- كتابة محتوى أصلي يعتمد على مصادر موثوقة وتحقيقات ميدانية إن أمكن.
- تجنّب العناوين المضللة والمحتوى المُكرر.
- دعم المقالات بروابط داخلية ومصادر خارجية رسمية.
- التركيز على تخصص واضح للموقع (إخباري، تحليلي، تقني، اقتصادي…) لتسهيل فهم هوية المحتوى من قبل الخوارزميات.
نحو إعلام رقمي مسؤول
ختامًا، فإن تحديثات Google الأخيرة تمثل خطوة في اتجاه تعزيز مصداقية الإنترنت كمصدر للمعلومة، وتجعل من جودة المحتوى عنصرًا أساسيًا في النجاح الرقمي. ومع ازدياد التنافس على نيل حظوة الظهور في نتائج البحث، تصبح مسؤولية الناشرين العرب، والسودانيين تحديدًا، مضاعفة في تقديم محتوى يرتقي إلى تطلعات المستخدم، ويعكس واقع المجتمع بلغة مهنية دقيقة وعصرية.