
أسطورة الملاعب السودانية لنادي الهلال .. إرث خالد ومسيرة ملهمة
متابعات _ الهدهد نيوز _ الوُلد نصر الدين عباس، المعروف بلقب “جكسا”، في الثالث عشر من أغسطس عام 1944 بمدينة أم درمان، ليبدأ رحلةً كروية تحوّل معها من مجرد لاعب إلى أيقونة رياضية لا تُنسى في تاريخ السودان. بدأ مسيرته مع فريق المجاهد، ثم انتقل إلى فريق الربيع بالدرجة الثانية، قبل أن يحطّ رحاله في نادي الهلال العريق، حيث برز اسمه سريعًا وأصبح أحد أبرز نجوم الكرة السودانية.
حقق جكسا إنجازات لافتة سواء مع نادي الهلال أو مع المنتخب الوطني، فقد تُوّج ببطولة الموسم الكروي عامي 1964 و1965، وشارك مع المنتخب السوداني في حصد الميدالية الفضية في دورة غانا 1964، ثم واصل تألقه بالميدالية الفضية القارية في عام 1965، كما شارك في دورة أديس أبابا 1969 التي نال فيها السودان كذلك المركز الثاني. إلا أن اللحظة الذهبية الأبرز كانت عام 1970، حين تُوّج السودان ببطولة أمم أفريقيا التي استضافتها الخرطوم، حيث قاد جكسا الفريق ببراعة، ونال مع زملائه وسام نوط الواجب من الدرجة الأولى وقطع أراضٍ سكنية تكريمًا لما قدموه من عطاء.
كان جكسا لاعبًا يملك موهبة فطرية قلّ نظيرها، بقدمه اليسرى الساحرة ولمساته المبدعة وتحكمه الكامل بالكرة، إلى جانب ما اشتهر به من أخلاق رفيعة وتواضع عزّ نظيره بين نجوم الرياضة، ما جعله محبوبًا للجماهير السودانية عامة، وجماهير الهلال على وجه الخصوص. وقد أطلق عليه محبوه ألقابًا عديدة، من بينها “الأمير”، و”الخواجة”، و”سيدها”، لكنه كان يفضل أن يُنادى بـ”كابتن” تواضعًا، واعتزازًا بروح الفريق.
امتدت مسيرته الدولية في الملاعب لما يزيد عن أربعة عشر عامًا، مثّل خلالها المنتخب الوطني من عام 1963 وحتى 1977، في واحدة من أطول فترات تمثيل اللاعبين السودانيين للمنتخب. لم يتوقف عطاؤه بعد الاعتزال، بل تحوّل إلى مدرب ملهم، فدرّب نادي الهلال والمنتخب القومي في فترات مختلفة، وكان له دور بارز في اكتشاف وصقل العديد من المواهب الكروية التي واصلت مسيرته.
نال جكسا شهادات تدريب متقدمة من ألمانيا، الأمر الذي ساهم في تعزيز مكانته كمدرب وفني قادر على تطوير اللعبة في السودان. ويُجمع كثيرون على أن جكسا ليس فقط لاعبًا متميزًا، بل هو مدرسة متكاملة في المهارة والانضباط والعطاء، ترك أثرًا يتوارثه الأجيال.
ويبقى السؤال حاضرًا: هل نشهد في ملاعبنا اليوم نجمًا يجمع بين الموهبة الكبيرة، والأخلاق الرفيعة، والانتماء الصادق مثل جكسا؟ الإجابة ما تزال معلقة في نفوس عشّاق كرة القدم السودانية، الذين ما زالوا يرون في جكسا نموذجًا فريدًا لا يُكرر.