
كامل إدريس يتصدر المشهد السياسي السوداني
متابعات _ الهدهد نيوز _ في خطوة سياسية لافتة، أعلن تعيين الدكتور كامل إدريس رئيسًا للوزراء في السودان، بموجب الوثيقة الدستورية، في لحظة وُصفت بالمفصلية في تاريخ البلاد المعاصر، وسط حالة من الترقب الشعبي والسياسي في الداخل والخارج. ويأتي هذا التعيين في وقت تعيش فيه البلاد ظروفًا شديدة التعقيد، تتداخل فيها أزمات أمنية واقتصادية مع حرب داخلية تشنها القوات النظامية ضد مليشيا متمردة مدعومة خارجيًا، ما يجعل من المرحلة المقبلة اختبارًا حقيقيًا لقدرة الحكومة الجديدة على إدارة ملفات البلاد المتراكمة.
عقب أدائه القسم، ألقى الدكتور إدريس خطابًا شاملاً استعرض خلاله التحديات الكبيرة التي تواجه السودان، وعلى رأسها الأزمات السياسية والاقتصادية، والانقسام المجتمعي الناجم عن سنوات من النزاعات والفراغ المؤسسي. وقد عكس الخطاب وعيًا عميقًا بحجم الأزمة الوطنية، حيث شدد على أهمية اتخاذ معالجات فورية وجذرية تحفظ وحدة البلاد وتصون كرامة المواطن، وهو ما لاقى ترحيبًا كبيرًا في الشارع السوداني، واعتبره محللون بداية موفقة لحكومة تعي متطلبات المرحلة وتستجيب لنبض الشارع.
ويجد الدكتور إدريس نفسه في مواجهة حزمة من التحديات العاجلة، أبرزها إعادة صياغة المشهد السياسي الداخلي بشكل يعزز الوحدة الوطنية ويضع حدًا للاستقطاب، إضافة إلى تصحيح مسار السياسة الخارجية بما يحقق مصالح السودان العليا ويعيد له مكانته في الإقليم والمجتمع الدولي. كما يُنتظر من الحكومة الجديدة تقديم خطة اقتصادية شاملة تستند إلى الواقع وتضع معالجات حقيقية لقضايا إعادة الإعمار، وتحفيز الإنتاج، واستقطاب رؤوس الأموال والاستثمارات، لا سيما في قطاعات الزراعة والثروة الحيوانية والصناعات الوطنية.
الصحفي عبد الله بلال، عضو اتحاد الصحفيين الأفارقة، اعتبر أن الخطاب يحمل في طياته رؤية وطنية متكاملة، تقوم على الحوار السوداني-السوداني كأرضية أساسية لحل كافة الخلافات، مشددًا على أهمية تغليب صوت الحكمة وتجاوز نهج الإقصاء والمزايدات السياسية. وأشار بلال إلى أن إدريس يمتلك من الخبرات والعلاقات ما يؤهله لإحداث نقلة نوعية في ملف الاقتصاد، خاصة في ظل خبرته بمعالجة آثار الحروب في دول أخرى، وقدرته على إقناع المؤسسات المالية بجدوى دعم السودان في هذه المرحلة الحرجة.
كما لفت إلى أن السياسة الخارجية بحاجة إلى إعادة هيكلة شاملة، تبدأ بإسناد إدارة الملف الخارجي لعناصر ذات كفاءة وخبرة، وإنهاء نهج المحاصصة، مع ضرورة إشراف مباشر من رئيس الوزراء على صياغة المواقف والتوجهات الدبلوماسية. وفي ذات الإطار، أشار الدكتور الطيب عز الدين، المحلل السياسي، إلى أن محاربة الفساد بشكل حاسم ستكون المعيار الأهم في الحكم على أداء الحكومة، مؤكدًا أن تطبيق القوانين دون استثناء من شأنه إعادة ثقة الشارع في مؤسسات الدولة، وتعزيز الجبهة الداخلية في مواجهة التحديات.
ودعا عز الدين إلى اعتماد سياسة خارجية متوازنة تراعي المصالح الوطنية، وتستثمر في طاقات السودانيين بالخارج، والاستفادة من اقتصاد المهجر كأحد المحاور الرئيسة لدعم التنمية. وعلى الصعيد الاقتصادي، أكد القيادي الزراعي حاج برعي حاج محمد علي أن الزراعة تمثل مفتاحًا حقيقيًا للنهضة، داعيًا إلى توفير مدخلات الإنتاج، وتسهيل التمويل للمزارعين، باعتبار أن الزراعة قادرة على إخراج البلاد من أزمتها المعيشية، إذا ما وُضعت ضمن أولويات الحكومة.
المواطنون من جهتهم عبروا عن تفاعلهم الإيجابي مع خطاب رئيس الوزراء، وطالبوا بإعطاء الأولوية لتحسين الخدمات الأساسية مثل التعليم، والصحة، والكهرباء، والمياه، مؤكدين على ضرورة تجاوز المحاصصة في تعيين المسؤولين، واعتماد معيار الكفاءة والنزاهة في اختيار طاقم الحكومة. كما شددوا على ضرورة التوظيف الأمثل للموارد الوطنية، وتقديم خطط واقعية لتحسين الاقتصاد وتخفيف الأعباء المعيشية التي أثقلت كاهل الأسر السودانية.
ائتلاف “سلام السودان” بدوره أصدر بيانًا أيد فيه الخطاب، معتبرًا أنه يمثّل انطلاقة حقيقية لمسار جديد يلبّي تطلعات السودانيين في تحقيق الأمن والاستقرار، داعيًا إلى تشكيل حكومة مهنية، تعمل على تعزيز الشفافية، وتستجيب لمتطلبات الواقع دون تأخير، وتحرص على إشراك كل الأطياف السياسية دون تمييز. وعبّر الائتلاف عن دعمه الكامل لجهود دحر التمرد واستعادة الأمن، معتبرًا أن إعادة الاستقرار هي الخطوة الأولى نحو تنفيذ برامج التنمية.
الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل بدوره ثمّن خطاب الدكتور إدريس، حيث أكد أمينه السياسي، معتز الفحل، أن ما طُرح من مضامين يعكس وعيًا بطبيعة المرحلة ويدشن لبداية حقيقية نحو بناء دولة القانون والمؤسسات. وأعرب الفحل عن تفاؤله بقدرة الحكومة الجديدة على استعادة زمام المبادرة، والانتقال بالبلاد إلى مرحلة التعافي السياسي والاقتصادي، تمهيدًا لعودة الحياة الطبيعية، وتوفير حياة كريمة للمواطن السوداني.