اخبار اقتصادية

زواج بالملايين.. حفلات الأعراس في السودان تكشف وجهاً آخر للأزمة الاقتصادية

متابعات _ الهدهد نيوز

زواج بالملايين.. حفلات الأعراس في السودان تكشف وجهاً آخر للأزمة الاقتصادية

متابعات _ الهدهد نيوز _ رغم الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تعصف بالسودان منذ سنوات، لا تزال حفلات الزواج تشهد إنفاقاً باهظاً، ما يثير تساؤلات عديدة حول المفارقات التي تطبع المشهد الاجتماعي والاقتصادي معاً.

 

فعلى وقع الانهيار المالي وغلاء الأسعار وشح السيولة، تتواصل أعراس السودانيين بصورها الباذخة، من صالات مزينة بأفخم الديكورات، إلى موائد الطعام الفاخر، ومغنين يتقاضون ملايين الجنيهات في ليلة واحدة. ويؤكد مراقبون أن تكلفة الزواج في السودان اليوم قد تتجاوز 15 مليون جنيه، في حين لا يتجاوز متوسط الدخل الشهري للفرد 100 ألف جنيه فقط.

 

إعلان

ويقول أحمد عبدالكريم، وهو منسق حفلات في الخرطوم، إن الطلب على تنظيم الأعراس لم ينخفض رغم الظروف، بل أصبح العرسان يتجهون أكثر إلى الظهور المترف كنوع من “الاستثمار في الواجهة الاجتماعية”. وأضاف: “حفلات الزفاف أصبحت مساحة للتباهي والمنافسة، خاصة بين الطبقة المتوسطة العليا”.

 

 

ومن اللافت أن بعض العائلات تضطر إلى الاستدانة أو بيع ممتلكات ثمينة لتغطية نفقات الزواج، التي تشمل إيجار الصالات، والكوافير، والمصور، والموسيقى، إلى جانب “القيدومة” و”الحنة” و”السبوع” التي باتت جميعها تشكل عبئاً مالياً إضافياً.

 

 

وتظهر الإحصاءات غير الرسمية أن قطاع تنظيم الحفلات أصبح واحداً من القطاعات النشطة في السوق السوداني، ويعمل فيه الآلاف، من منظمي مناسبات، ومصممي ديكور، إلى موردي كراسي وأوانٍ صوتية وفنية. وقدرت دراسة محلية أن سوق الأعراس يدرّ أكثر من 20 مليار جنيه سنوياً.

 

 

في المقابل، يحذر خبراء اقتصاديون من تأثير هذه النزعة الإنفاقية على الوضع العام للأسر السودانية، لا سيما في ظل غياب الوعي المالي وارتفاع معدلات التضخم. ويؤكد الخبير الاقتصادي د. الطيب محجوب أن “الزواج في السودان تحوّل من سنة اجتماعية إلى عبء اقتصادي يدفع الشباب إلى العزوف أو التأخير، ويزيد من الضغوط المعيشية على الأسر”.

 

 

وفي وقت تسود فيه حالة من عدم اليقين السياسي والأمني، يرى البعض أن التمسك بإقامة أعراس فاخرة يعكس إصرار السودانيين على مقاومة الظروف القاسية بروح الفرح، بينما يعتبره آخرون نوعاً من الهروب المؤقت من واقع مرير.

 

 

وتبقى المفارقة قائمة: كيف يمكن لمجتمع يئن تحت وطأة الانهيار الاقتصادي أن يُنفق ببذخ في ليلة واحدة، ما يعادل دخل عام كامل؟ بين الواقع والرمزية، تظل أعراس السودان مرآة لتناقضات لم تعد خفية.

إعلان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى