
الفولة على صفيح ساخن بسبب الدعم السريع
متابعات _ الهدهد نيوز _ شهدت مدينة الفولة بولاية غرب كردفان، خلال الساعات الماضية، اشتباكات عنيفة بين عناصر من قوات الدعم السريع وأبناء قبيلة المسيرية الحمر الفلايتة، أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 26 شخصًا، بينهم نساء وأطفال، وسط حالة من الذهول والغضب الشعبي العارم. وبحسب إفادات متطابقة من شهود عيان ومصادر محلية، فإن المواجهات اندلعت عقب احتجاجات نظمها أبناء المسيرية تنديدًا باغتيال الناظر الشوين، أحد أبرز زعماء القبيلة، والذي اغتيل في ظروف غامضة رجحت مصادر محلية أن لها صلة بعناصر من الدعم السريع.
وقالت المصادر إن المجموعة التي هاجمت الأهالي تتبع للمجموعة رقم 13 التابعة للدعم السريع، وتحديدًا لقائد يُدعى التاج فولجنق، وهو شخصية مثيرة للجدل تنتمي لقبائل النوير الجنوبية، وتردد اسمه في عدة تقارير محلية تتعلق بتجنيد مرتزقة من خارج الإقليم في النزاع القائم. وأضافت المصادر أن توجيهات صدرت من قيادة الدعم السريع بإسكات الاحتجاجات بالقوة، ما أدى إلى تفاقم المواجهات وتحول المدينة إلى ساحة قتال، وسط غياب تام لأي قوة نظامية تتولى فرض النظام أو التهدئة.
الضحايا، الذين تنوعوا بين رجال ونساء وأطفال، سقطوا خلال اشتباكات بالأسلحة الثقيلة والخفيفة استمرت لساعات طويلة في محيط السوق الرئيسي وأحياء مأهولة بالسكان، ما فاقم من حجم الكارثة. وذكرت مصادر أهلية أن الكثير من الأسر اضطرت إلى النزوح خارج المدينة، وسط تدهور مريع في الوضع الإنساني، وانعدام الخدمات الطبية والإسعافية.
وحذّر مراقبون من أن تؤدي هذه الأحداث إلى انزلاق الوضع في ولاية غرب كردفان إلى صراع أهلي مفتوح، خصوصًا مع تكرار حوادث الاستهداف لمجتمعات محلية من قبل مجموعات داخل الدعم السريع توصف بأنها دخيلة على التركيبة السكانية للمنطقة. كما أشاروا إلى أن تكرار عمليات اغتيال الرموز القبلية يُعد مؤشرًا خطيرًا على سعي بعض الأطراف لتفكيك النسيج الاجتماعي واستفزاز المكونات المحلية، لإشعال فتيل الفتنة القبلية.
من جهتهم، طالب وجهاء وأعيان قبيلة المسيرية بتدخل عاجل من الجيش السوداني والقوات النظامية الأخرى لوقف الانفلات الأمني، مؤكدين أن القبيلة لن تصمت على اغتيال ناظرها، ولن تقف مكتوفة الأيدي إزاء استهداف أهلها ومناطقها. كما ناشدوا المنظمات الحقوقية والإنسانية الدولية بإرسال فرق لتوثيق الانتهاكات وتقديم العون للمتضررين، في وقت تستمر فيه الحرب في البلاد دون أفق للحل.
وتزامنت هذه التطورات مع حالة من الترقب الحذر في محيط الفولة، وسط أنباء عن وصول تعزيزات من الطرفين، ما يُنذر بمزيد من التصعيد إذا لم يتم احتواء الموقف سياسيًا وأمنيًا. ووفقًا لمصادر متطابقة، فإن الاتصالات لا تزال جارية بين بعض القيادات المحلية والجهات الرسمية في محاولة لاحتواء الوضع، إلا أن حجم الغضب الشعبي والحساسية القبلية قد يعقدان مهمة التهدئة خلال الساعات المقبلة.
يُذكر أن الناظر الشوين كان يُعد من الشخصيات التوافقية داخل إقليم غرب كردفان، وله دور بارز في فض النزاعات بين المكونات المحلية، الأمر الذي جعل من اغتياله ضربة موجعة للقبيلة والمنطقة عمومًا، وهو ما يفسر الغضب العارم وردود الفعل الواسعة التي اجتاحت المدينة عقب إعلان وفاته.
وفي ظل التعتيم الإعلامي وصعوبة الوصول إلى مصادر مستقلة داخل المدينة، تظل الحصيلة مرشحة للارتفاع، وسط مطالبات عاجلة بفتح تحقيق دولي شفاف لكشف ملابسات الحادث ومحاسبة المتورطين ومنع تكرار مثل هذه المجازر بحق المدنيين.