
مطار الخرطوم أمام فرصة ذهبية للتحول
كتب: سامي الأمين _ الهدهد نيوز _ في مشهد عالمي متغير لصناعة الطيران، تبرز المطارات كمدن مصغرة تجني مليارات الدولارات من حركة الركاب العابرين وليس فقط من الرحلات المتجهة إلى وجهاتها النهائية. ويبرز السودان بموقعه الجغرافي الاستثنائي في قلب أفريقيا والشرق الأوسط، كفرصة نادرة لاستثمار هذا الموقع من خلال تحويل مطار الخرطوم إلى مركز عبور إقليمي رئيسي، يمكنه أن يلعب دورًا محوريًا في حركة الطيران الإقليمية والدولية.
الركاب العابرون، وهم الذين يستخدمون المطار كمحطة توقف مؤقتة في رحلاتهم بين دول مختلفة دون مغادرة البلاد، يشكلون مصدرًا هامًا للإيرادات المتعددة، من رسوم العبور إلى الإنفاق في الأسواق الحرة والفنادق والمطاعم، ما ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني ويحفز تطوير البنية التحتية المحلية.
يمتاز مطار الخرطوم بموقع جغرافي استراتيجي بين غرب وشرق أفريقيا، ومنطقة الخليج، وأوروبا، ويقع على مسافة أقصر بآلاف الكيلومترات عن بعض العواصم العالمية الكبرى مقارنة بمطارات منافسة مثل أديس أبابا، الدوحة، ودبي. هذا الاختصار في المسافة يعني تقليل زمن الرحلات، وهو عامل أساسي في تقليل استهلاك الوقود وتقليل تكاليف التشغيل للطائرات، مما يرفع من جاذبية المطار كمحطة عبور.
التوفير في زمن الرحلات يوفر مبالغ كبيرة لشركات الطيران، ففي مثال بسيط، يمكن لطائرة متوسطة الحجم توفير ملايين الدولارات سنويًا من خلال تقليل استهلاك الوقود، كما يساهم في تمديد العمر التشغيلي للطائرات وتقليل تكاليف الصيانة، فضلًا عن تقليل النفقات المتعلقة بطواقم الطيران.
تجارب مطارات إقليمية مثل مطار أديس أبابا، دبي، الدوحة، وإسطنبول، أثبتت أن الاستثمار في تطوير البنية التحتية، وتوفير خدمات متميزة للركاب العابرين، إضافة إلى سياسات مرنة للنقل الجوي، يمكن أن يحقق إيرادات ضخمة تصل إلى مئات الملايين وحتى مليارات الدولارات من الأنشطة غير الطيرانية.
لتحويل مطار الخرطوم إلى مركز عبور عالمي، يتطلب الأمر تنفيذ خطة شاملة لإعادة تأهيل البنية التحتية، تشمل تطوير صالات حديثة للعبور، وإنشاء مناطق تجارية حرة، وتحديث القوانين المتعلقة بالجمارك والهجرة لتسهيل حركة الركاب، بالإضافة إلى تبني سياسات جوية منفتحة تسمح بتفعيل حريات النقل الجوي بشكل يوازن بين مصالح السودان وشركات الطيران الوطنية والإقليمية.
كما أن دعم شركات الطيران الوطنية أو الدخول في شراكات استراتيجية مع شركات طيران إقليمية وعالمية يمكن أن يعزز مكانة المطار كمحور عبور، ويزيد من تدفق الركاب والإيرادات المتنوعة.
ختامًا، يمتلك السودان، وبالأخص مطار الخرطوم، فرصة ذهبية لاستغلال موقعه الجغرافي الفريد وتحويله إلى مركز عبور دولي مزدهر، يحقق عائدات اقتصادية كبيرة، ويساهم في وضع السودان من جديد على خريطة الطيران العالمية. ولكن النجاح في هذا المشروع يحتاج إلى رؤية واضحة، استثمارات مستمرة، وسياسات داعمة تنفذ بحزم وجدية.