مصادر عسكرية : البرهان لن يذهب إلى مفاوضات جدة، وهذه هي شروطه لعودتها
كشف مصدر عسكري رفيع في الجيش السوداني لـ”عربي بوست”، أن رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، لن يذهب إلى مدينة جدة السعودية هذا الشهر لاستئناف الجولة التالية من المفاوضات مع قوات الدعم السريع.
وقال إن السبب وراء هذا القرار من البرهان يتمثل في عدم اقتناع قائد الجيش بقدرة المجتمع الإقليمي على تنفيذ محاور السلام الرئيسية المتمثلة في توحيد الرأي العام بتصنيف الحرب وجماعتها، إضافة إلى توسيع دائرة الحماية المجتمعية وعدم الإفلات من العقاب، حسب قوله.
وقال المصدر، الذي رفض ذكر اسمه لأسباب أمنية: ” لن يذهب أحد إلى جدة لأنه لا توجد إرادة سياسية لإنهاء الحرب، ولأن قائد الجيش غير مقتنع بقدرة المجتمع الإقليمي على تنفيذ محاور السلام الرئيسية لتوحيد الرأي العام من خلال تصنيف الحرب ومجموعتها، فضلاً عن توسيع دائرة الحماية المجتمعية وعدم الإفلات من العقاب”.
المصدر ذاته قال: “إذا لم تظهر هذه المحاور في أجندات واضحة وصريحة مسبوقة بقرارات، فلن تجمع جدة ولا شعاب مكة الأطراف السودانية”، على حد تعبيره.
وأضاف: “كل ما تريده قوى البغي والطغيان هو فقط أن يذهب السودان إلى البند السابع لدخول القوات الأفريقية التي تطيل الحرب لإدانة قيادة القوات المسلحة السودانية ونظامها”، بحسب قوله.
لا اتفاق مع حميدتي
ونفت مصادر عسكرية مطلعة لـ”عربي بوست” صحة التسريبات التي أشارت إلى أن البرهان وافق على اتفاق مع قائد الدعم السريع.
وقال المصدر: “لا يوجد اتفاق حول تأكيد أو نفي وفاة قائد الدعم السريع. مثل هذه القوات أساساً تعتمد على الرجل الواحد”.
وكانت صحيفة “اليوم التالي” السودانية كشفت، يوم السبت 30 سبتمبر/أيلول 2023، عن مصدر مطلع، موافقة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان على لقاء قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي).
وأكد المصدر للصحيفة “انقطاع تواصل الوسطاء والدول والمنظمات مع حميدتي منذ شهر مايو/أيار”.
وقال المصدر إن الوساطة اقترحت على البرهان لقاء يوسف عزت بدلاً من حميدتي بسبب أنها لا تعلم مكانه وفشلت في إيجاده، وأكد أن البرهان رفض الاقتراح وتمسك بلقاء حميدتي؛ في وقت اشترط فيه لقاء أي ممثل آخر للدعم السريع بعد الإعلان عن مصير حميدتي، وفقاً للصحيفة.
حلفاء سياسيون
وأشارت المصادر في الجيش السوداني إلى الذين وصفهم بـ”الجناح السياسي لقوات الدعم السريع”، بأنهم قوى تقف خلفها دول أوروبية وغيرها من الدول التي تشارك في بوصلة العلاقات الخارجية ولم تتم تسميتها من قبل القوات المسلحة لسبب أو لآخر.
وقال إن الجميع يظهرون بمظهر الداعي للسلام وحقوق المواطن السوداني، لكن لهم مآرب أخرى في الباطن، على حد قوله، وإنهم يعلمون جيداً ما وصل إليه الحال في الخرطوم والولايات الأخرى من تردٍّ في جميع مناحي الحياة.
الدعم السريع ينفي
من جانبه، أكد مستشار قائد الدعم السريع إبراهيم مخير، في حديثه لـ”عربي بوست”، التزامهم بالمضي قدماً في اتفاقية جدة، قائلاً: “لم نكن نولي اهتماماً لمماطلة البرهان ولنوايا الحركة الإسلامية منذ البداية، وحاولنا بكل الطرق السياسية إحباطها”.
وأضاف: “لكن في الواقع نعتقد أن الحركة الإسلامية “تهدد أمن السودان وحياة السودانيين واستقرارهم”، على حد قوله، من خلال تنفيذ مثل هذه المغامرة لتمكين عودة النظام الذي حكم السودان لمدة 30 عاماً.
وقال مخير إن بريطانيا وأمريكا وألمانيا والنرويج قدمت اقتراحاً لمشروع تحقيق للأمم المتحدة من لجنة خبراء ثلاثية على منبر مفوض الأمم المتحدة السامي في جنيف لوقف الحرب والتحقيق في جميع الانتهاكات؛ استناداً إلى خطاب البرهان في الأمم المتحدة، الذي أعلن فيه أن هناك انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في السودان، لكن البرهان كان هو المعارض الأول لها، بعدما أعلن رفضه المشروع من خلال وزارة الخارجية.
وأضاف: “لقد اعترف العالم، الذي يمثله المجتمع الدولي بجميع مكوناته الإقليمية والقارية، بأن مفاوضات جدة هي المدخل إلى الأزمة السودانية من خلال المفاوضات التي تهدف إلى وقف إطلاق النار من أجل حماية المواطنين وتقديم الإغاثة لجميع أنحاء السودان، ثم التطور في اتجاه المفاوضات السياسية التي تشمل جميع السودانيين للتوصل إلى حل شامل للقضية السودانية”.
وشدد على أن وفدهم لا يزال ينتظر البرهان في جدة منذ أشهر، مؤكداً أن الحقيقة هي أن أي حل سياسي شامل للقضية السودانية سيضع الجماعات الإسلامية في مواجهة المساءلة، على حد تعبيره، وبالتالي العقاب على الجرائم التي ارتكبتها ليس فقط في الأيام الماضية، ولكن منذ انقلاب 89 الذي قام به عمر البشير المطلوب دولياً.
الرهان على المفاوضات
ولا تزال الجهود الإقليمية والدولية تتضافر في سبيل إيجاد صيغة حل لإنهاء الأزمة السودانية الراهنة جراء الاقتتال العنيف الدائر بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” شبه العسكرية، منذ اندلاع الحرب في الخامس عشر من أبريل/نيسان الماضي، والتي أودت بحياة آلاف السودانيين وشردت الملايين منهم داخل وخارج البلاد.
يأتي هذا بعد أن فشلت العديد من المبادرات الإقليمية الداعية للحل السلمي ووقف العنف، لاسيما مباحثات جدة السعودية ومبادرة دول الجوار السوداني، وجهود منظمة الإيغاد ممثلة في وساطة الاتحاد الأفريقي وغيرها من النداءات التي وصلت لطريق مسدود، ولم تحدث أية اختراقات جديدة تعيد الفرقاء إلى طاولة المفاوضات في جدة.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان الماضي، يخوض الجيش و”الدعم السريع” اشتباكات لم تفلح سلسلة هدنات في إيقافها، ما خلف أكثر من 3 آلاف قتيل أغلبهم مدنيون، وأكثر من 4 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، بحسب الأمم المتحدة.