غارات وحشد كبير للطرفين في امدرمان استعدادا لمعركة كبرى واشتباكات قرب سلاح المهندسين
غارات وحشد كبير للطرفين في امدرمان استعدادا لمعركة كبرى واشتباكات قرب سلاح المهندسين
تجددت الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بمدينة نيالا في جنوب دارفور، الخميس، بعد محاولة قوات «الدعم السريع» اقتحام قيادة الجيش عبر جسر مكة، وهو الجسر الوحيد في المدينة. كما استمر القصف في الخرطوم. وتحدث شهود لوكالة أنباء العالم العربي عن سقوط ضحايا من المدنيين خلال القصف العشوائي المتبادل بين الطرفين، مشيرين إلى تساقط المقذوفات على الأحياء السكنية.
وتصاعدت وتيرة المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع في مدينة نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور هذا الأسبوع، ما أدى إلى مقتل وجرح عدد من المدنيين ونزوح آلاف من السكان. وأعرب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، الاثنين، عن قلقه العميق إزاء تقارير أفادت بحدوث اشتباكات دامية في جنوب دارفور خلال الأيام الماضية.
ووفقاً للتقارير الأولية الواردة من المنظمة الدولية للهجرة، شرّد العنف نحو 20 ألف شخص في كثير من الأحياء المحيطة بمدينة نيالا.
من جانبه، أكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أنه يراقب الوضع عن كثب ويعمل على تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية لجنوب دارفور. كما أعرب عن الأسف إزاء الاشتباكات الحالية التي قال إنها تعيق نقل المساعدات من شرق دارفور إلى مدينة نيالا.
الطيران الحربي
في العاصمة الخرطوم، قال شهود إن الطيران الحربي شن في الساعات الأولى من صباح يوم الخميس غارات جوية مكثفة على تجمعات لقوات الدعم السريع في منطقة شرق النيل وأحياء شرق الخرطوم. كما نفذ الجيش قصفاً عنيفاً بالمدفعية الثقيلة من منطقة كرري العسكرية شمال أمدرمان باتجاه مواقع قوات الدعم السريع في غرب وجنوب أمدرمان وشمال بحري.
وقال سكان لوكالة أنباء العالم العربي إن اشتباكات دارت بالأسلحة الخفيفة بوسط مدينة أمدرمان وفي محيط سلاح المهندسين جنوب المدينة. وقال محمد يعقوب، المقيم في أمدرمان، إن طرفي الصراع حشدا مزيداً من القوات بغرب المدينة وشمالها، «وهذا مؤشر على أنهما يستعدان لمعركة كبرى خلال الأيام المقبلة».
وتدور منذ عدة أيام معارك عنيفة بالأسلحة الثقيلة والخفيفة بين الدعم السريع والجيش في وسط أمدرمان، في محاولة من الجيش لفرض سيطرته على جسر شمبات الحيوي الذي يربط أمدرمان بمدينة بحري، ويعد خط الإمداد الرئيسي لقوات الدعم السريع من غرب البلاد إلى مدن العاصمة الثلاث.
ووفقاً لشهود، فقد شهدت منطقة جنوب الخرطوم قصفاً بالمدفعية الثقيلة استهدف أرض المعسكرات والمدينة الرياضية التي تتمركز فيها قوات الدعم، إلى جانب أحياء الرياض والطائف والمعمورة في شرق الخرطوم.
غرفة طوارئ
وتقول غرفة طوارئ جنوب الحزام إنه على الرغم من أن المنطقة لم تشهد اشتباكات مباشرة بين الجيش وقوات الدعم السريع، «لكن في فترة أسبوعين فقط من أول أغسطس (آب) حتى الخامس عشر منه استقبل مستشفى بشائر 412 حالة، بينها 107 حالات إصابة بالرصاص و58 حالة إصابة بشظايا المقذوفات و196 حالة حوادث طبيعية وأمراض مزمنة، وتم تسجيل 11 حالة وفاة».
وأفاد سكان بجنوب الخرطوم أن اشتباكات دارت بين الطرفين على الأرض في محيط سلاح المدرعات جنوب العاصمة.
وتفرض قوات الدعم السريع حصاراً على سلاح المدرعات في جنوب الخرطوم، وسلاح المهندسين بجنوب أمدرمان، ومقر القيادة العامة للجيش بشرق الخرطوم، بينما يقول الجيش إنه يمشط المناطق والأحياء المحيطة بتلك المناطق.
وتسيطر قوات الدعم السريع على الجزء الأكبر من ولاية الخرطوم، بينما يسعى الجيش إلى قطع طرق الإمداد عبر الجسور التي تربط مدن أمدرمان وبحري والخرطوم، التي تشكل العاصمة الأوسع على جانبي نهر النيل.
استمرار النزوح
لا تزال موجة النزوح مستمرة من أحياء أمدرمان القديمة نحو الولايات الشمالية وشرق البلاد بسبب احتدام المعارك في المنطقة. وقالت سعاد حسنين، وهي واحدة ممن أُجبروا على ترك الديار: «قررنا التوجه إلى مدينة عطبرة بشمال البلاد بعد أن تحولت منطقتنا إلى ساحة معارك، تتساقط فوق رؤوسنا القذائف تارة ويقصفنا الطيران تارة أخرى».
وتابعت: «مع كل هذه الضربات قلنا نصبر، لكن خلال الأسابيع الماضية صارت الاشتباكات المباشرة تدور في شوارع وأزقة الأحياء التي تحولت إلى ثكنات عسكرية ومنطقة عمليات. اضطررنا لمغادرة بيوتنا».
وأعلنت المنظمة الدولية للهجرة، يوم الثلاثاء، أن أكثر من مليون شخص فروا من السودان إلى دول مجاورة منذ نشوب الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع في 15 أبريل (نيسان). وتسبب الصراع في فرار أكثر من مليون شخص من السودان إلى دول مجاورة، ونزوح أكثر من 3 ملايين داخل البلاد، بحسب المنظمة.
مساعدات إنسانية
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه عمل على مدى الأشهر الثلاثة الماضية على تسهيل حركة أكثر من 1000 شاحنة تحمل إمدادات إغاثة إلى أجزاء مختلفة من السودان، على الرغم من القتال المستمر. وأوضح المكتب، في تحديث نشره الأربعاء، أن تلك الشاحنات نقلت أكثر من 44 ألف طن من المساعدات الإنسانية إلى شرق دارفور والخرطوم وكردفان وعدة ولايات أخرى.
وأضاف أن قافلة إنسانية وصلت من بورتسودان إلى الضعين، عاصمة ولاية شرق دارفور، تحمل مواد غذائية وإمدادات طبية، بالإضافة إلى إمدادات مياه وصرف صحي ونظافة. وأشار المكتب إلى أن هذه المواد مقدمة من منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) ومنظمة الصحة العالمية، وأنها ستدعم النازحين والمجتمعات التي تستضيفهم.
وأفاد المكتب بأن بعض شاحنات الإغاثة كانت متجهة إلى نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، لكن الاشتباكات الدائرة هناك تعرقل وصول المساعدات الإنسانية، ودعا إلى وقف القتال حتى يتسنى وصول المساعدات لمن هم في أمَس الحاجة إليها.