اخبار اقتصادية

الذهب النباتي في مهب الحرب.. الصمغ العربي السوداني يصمد وسط الفوضى!

متابعات _ الهدهد نيوز

الذهب النباتي في مهب الحرب.. الصمغ العربي السوداني يصمد وسط الفوضى!

الخرطوم – الهدهد نيوز _ وسط دمار الحرب المستمرة في السودان منذ أبريل 2023، وبينما تتعطل سلاسل الإمداد وتتراجع حركة التجارة في معظم القطاعات، يظل الصمغ العربي واحدًا من الموارد الاقتصادية القليلة التي تُبقي الأمل حيًا في انتعاش اقتصادي محتمل، ويحافظ – رغم التحديات – على حضور لافت في الأسواق العالمية.

 

وتُعد السودان الدولة الأولى عالميًا في إنتاج الصمغ العربي، حيث يسهم بأكثر من 70% من حجم الإنتاج العالمي، وخاصة نوع “الهشاب” الذي يُستخدم على نطاق واسع في الصناعات الدوائية والغذائية ومستحضرات التجميل. غير أن الحرب ألقت بظلال ثقيلة على القطاع، بدءًا من عمليات الجمع والإنتاج، وصولًا إلى التصدير.

إنتاج متراجع.. لكن لم يتوقف

في ولايات كردفان ودارفور والنيل الأزرق وسنار – المعروفة بأحزمة إنتاج الصمغ – لا تزال بعض المجتمعات الريفية تحاول جاهدة الحفاظ على نشاطها الزراعي، رغم المخاطر الأمنية وشح الموارد. ويقول محمد عبدالحليم، أحد منتجي الصمغ في غرب كردفان، للهدهد نيوز:

إعلان

“الحرب أوقفت تصدير الكثير من المنتجات، لكننا نواصل جمع الصمغ لأنه يُشكل مصدر رزقنا الوحيد. نبيعه لتجار محليين ينقلونه بشق الأنفس إلى مناطق آمنة.”

وتُقدّر مصادر غير رسمية أن إنتاج الصمغ هذا الموسم تراجع بنسبة تتراوح بين 40% إلى 60% في بعض المناطق، فيما توقفت عمليات التصدير لفترات طويلة قبل أن تُستأنف جزئيًا عبر الموانئ الشمالية وميناء بورتسودان.

جهود حكومية خجولة وتدخلات دولية

أعلنت الهيئة القومية للغابات مؤخراً عن خطط لتشجيع زراعة أشجار الهشاب عبر مبادرات مجتمعية مدعومة من منظمات دولية، في محاولة للحفاظ على هذا المورد الاستراتيجي. لكن مراقبين يرون أن غياب الدولة عن مناطق الإنتاج بسبب الحرب، وضعف الخدمات، يُهددان مستقبل هذا القطاع الحيوي.

 

وتقول الخبيرة الاقتصادية صفاء عبدالعظيم:

“الصمغ العربي يجب أن يكون من أولويات خطط الإنقاذ الاقتصادي، لأنه منتج لا يتأثر بالعقوبات، ويُصدَّر لدول غربية وشرق آسيوية بكميات كبيرة، لكن التحدي الآن هو في تأمين سلاسل القيمة، من المنتج إلى المصدر.”

الأسواق العالمية تراقب… وأسعار مرتفعة

رغم انخفاض حجم التصدير، ارتفعت أسعار الصمغ العربي عالميًا بسبب قلة المعروض وتزايد الطلب. ووصل سعر الطن من نوع الهشاب إلى نحو 4,000 دولار في بعض الأسواق، بينما ارتفع سعر نوع الطلح إلى أكثر من 2,000 دولار، وفقًا لمتعاملين دوليين.

 

 

 

ويعتمد مصنعو المشروبات الغازية والأدوية العالمية على الصمغ السوداني في تركيباتهم الأساسية، ما يجعلهم يضغطون على سلاسل التوريد لضمان استمرار الإمدادات رغم الحرب.

 

مستقبل محفوف بالمخاطر

لا يزال قطاع الصمغ العربي يُعاني من غياب التنظيم وضعف البنية التحتية، حتى قبل الحرب. واليوم، تُضاف مشكلات الحرب من انعدام الأمن، ونقص الوقود، وتدمير الطرق، إلى لائحة طويلة من المعوقات.

 

 

ورغم ذلك، يرى خبراء أن الصمغ العربي يمكن أن يكون مدخلًا مهمًا لتعزيز الصادرات غير النفطية، في حال وُضعت خطط طارئة لتحسين بيئة الإنتاج والتسويق والتصدير، والاستفادة من الطلب العالمي المتزايد.

 

 

ويأمل المزارعون أن تتجه الحكومة الانتقالية المقبلة، متى ما توقفت الحرب، إلى تبنّي سياسات واضحة تُنقذ هذا المورد الذهبي من الاندثار، وتعيد له دوره في إنعاش الاقتصاد الوطني.

الصمغ

إعلان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى