إعلان
اخبار

250 دولارًا للوثيقة!.. مأساة السودانيين في أوغندا تتفاقم

متابعات _ الهدهد نيوز

إعلان

250 دولارًا للوثيقة!.. مأساة السودانيين في أوغندا تتفاقم

إعلان

متابعات _ الهدهد نيوز _ في مشهد يعكس عمق المعاناة التي يعيشها آلاف اللاجئين السودانيين في أوغندا، تحوّلت وثائق الهوية السودانية، وعلى رأسها الجواز الإلكتروني، إلى عبء ثقيل لا يطيقه غالبية من فقدوا كل شيء بسبب الحرب، وهربوا من نيرانها بحثًا عن مأوى آمن. وبينما يُفترض أن تكون هذه الوثائق أحد أبسط حقوق أي مواطن، تحوّلت في نظر اللاجئين إلى وسيلة للجباية تُفرَض عليهم من قبل سفارة بلدهم الأم، بدلاً من أن تكون سندًا قانونيًا يحفظ هويتهم وكرامتهم في المنافي.

 

إعلان

 

 

إعلان

ففي منتصف يونيو الجاري، أعلنت السفارة السودانية في كمبالا بدء تشغيل مركز جديد لاستخراج الجوازات الإلكترونية، بعد استكمال الربط الفني مع هيئة السجل المدني في الخرطوم، وهو ما اعتُبر خطوة إيجابية في الظاهر. إلا أن الإعلان سرعان ما انقلب إلى مصدر للغضب والاستياء حين تبيّن أن رسوم استخراج الجواز للبالغين تبلغ 250 دولارًا، بينما تُفرض 125 دولارًا على الأطفال، إلى جانب 25 دولارًا لاستخراج الرقم الوطني أو شهادة ميلاد بدل فاقد، وهي مبالغ تفوق قدرة معظم اللاجئين الذين يعيشون في معسكرات تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة، ويعتمدون كليًا على المعونات الإنسانية لتأمين لقمة العيش.

 

 

 

ورغم هذه الظروف القاسية، يتوافد المئات أسبوعيًا إلى مقر السفارة في كمبالا، مدفوعين بالأمل في الحصول على أوراق قانونية تسهل تنقلهم أو معاملاتهم، لكنهم يصطدمون مرارًا بتعقيدات فنية وإدارية تُفاقم الأزمة. ففي أول أيام عمل المركز، توافد قرابة 100 شخص في انتظار دورهم، لكن تعطل شبكة الربط حال دون إتمام المعاملات، وتم ترحيلهم إلى يوم آخر، ليتكرر المشهد ويزداد الازدحام والتذمر مع كل تأجيل.

 

 

 

 

اللاجئون بدورهم لم يقفوا مكتوفي الأيدي، إذ عبّر كثيرون عن رفضهم الصريح لما وصفوه بـ”الابتزاز الرسمي”، متسائلين عن دور الحكومة السودانية في حماية مواطنيها بالخارج، بدلاً من تحميلهم أعباء جديدة تفوق طاقتهم. لاجئة سودانية تحدثت بحرقة عن عجزها عن توفير المبلغ المطلوب لجواز السفر، قائلة إن أسرتها لا تملك حتى تكلفة المواصلات إلى السفارة، فما بالك برسوم قدرها 250 دولارًا؟ فيما وجه اللاجئ موسى زوما مذكرة إلى رئيس الوزراء كامل إدريس، يطالبه فيها بتخفيض الرسوم إلى مبلغ رمزي، والسماح للأطفال بالحصول على وثائقهم مجانًا، كحد أدنى من العدالة الإنسانية.

 

 

 

 

أما رئيس الجالية السودانية في أوغندا، صالح إدريس، فقد طالب بعقد اجتماع عاجل مع السفارة لتوسيع نطاق التسجيل ليشمل كافة المعسكرات، ومنها معسكر بيالي، مؤكدًا أن الآلاف يعيشون في عزلة وثائقية، ما يعقّد إمكانية تنقلهم أو استكمال تعليم أطفالهم أو حتى الحصول على خدمات طبية.

في هذا السياق، برزت أصوات تنادي باعتماد جواز السفر الخاص باللاجئين الذي تصدره مفوضية الأمم المتحدة، باعتباره بديلاً قانونيًا معترفًا به، وأقل تكلفة بكثير، إذ لا يتجاوز سعره 100 دولار، ويمكن أن يشكل حلًا عمليًا في ظل غياب دعم حقيقي من الحكومة السودانية.

 

 

 

 

ومن الناحية الحقوقية، أكد لاجئون أن الوثائق الرسمية ليست ترفًا بل ضرورة قانونية تكفلها القوانين الدولية، خصوصًا للأطفال الذين يولدون في ظروف اللجوء. إذ يحذر مختصون من أن الحرمان من شهادة الميلاد أو الرقم الوطني يعرض هؤلاء الصغار لخطر فقدان الهوية مستقبلاً، ويضعهم في خانة “عديمي الجنسية”، وهو ما يشكل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان.

 

 

 

 

ومع استمرار الأعطال الفنية التي تعيق إنجاز المعاملات، أصدرت السفارة عدة بيانات اعتذار، وطلبت من المراجعين متابعة صفحتها على فيسبوك للحصول على المواعيد المحدثة، وهو ما زاد من سخط اللاجئين، إذ اعتبروا أن تحميلهم عبء التأجيلات وسوء الإدارة يُعد استخفافًا بمعاناتهم، في وقت يُفترض أن تسعى الدولة لتيسير إجراءاتهم لا تعقيدها.

 

 

 

في خضم هذه الأزمة، يتكرر السؤال الملحّ: هل تتحمل الدولة السودانية مسؤولية توفير الوثائق الأساسية لمواطنيها في المنفى؟ أم أن الحرب التي هجّرتهم من ديارهم أصبحت مبررًا لتجاهل حقوقهم، بل ومطالبتهم بدفع الثمن مضاعفًا؟ اللاجئون في أوغندا ينتظرون إجابة واضحة من الخرطوم، لا مجرد بيانات رسمية، بل خطوات عملية تعيد لهم حقهم الإنساني البسيط في امتلاك جواز سفر يدل على أنهم موجودون على خارطة الإنسانية.

إعلان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إعلان
زر الذهاب إلى الأعلى