
الدعم السريع يعتزم تنظيم امتحانات الشهادة السودانية
متابعات _ الهدهد نيوز _ في خطوة وُصفت بالجريئة والمثيرة للجدل، كشفت الإدارات المدنية التابعة لقوات الدعم السريع في ولايات دارفور وكردفان، عن نيتها تنظيم امتحانات الشهادة السودانية في المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة المركزية. هذا الإعلان أعاد فتح ملف التعليم في مناطق النزاع، وأشعل جدلاً واسعاً في الأوساط الأكاديمية والحقوقية، وسط تساؤلات عن شرعية الخطوة وتداعياتها على وحدة النظام التربوي في السودان.
الخطوة تأتي كرد فعل مباشر على ما وصفته تلك الإدارات بـ”الإقصاء الأكاديمي المتعمد”، حيث لم تشمل امتحانات الشهادة الأخيرة التي نُظمت في ديسمبر ويناير الماضيين مناطق دارفور وكردفان، ما حرم آلاف التلاميذ من فرص التعليم والاستحقاقات القومية. ووصف مراقبون هذا الحرمان بأنه تعميق خطير للاستقطاب الجغرافي والسياسي، وقد يؤدي إلى تشظي مؤسسات الدولة مستقبلاً.
تجاني الطاهر كرشوم، أحد قادة الإدارة المدنية في غرب دارفور، قال إن ما يحدث “ظلم منهجي يستوجب المعالجة”، مؤكداً أن السلطات المحلية بدأت فعليًا وضع ترتيبات لإجراء امتحانات الشهادة في مناطقها. وأضاف أن تجربة امتحانات المرحلة الابتدائية، التي نُظمت مؤخرًا في مدينة الجنينة بمشاركة مئات التلاميذ من النازحين واللاجئين، أثبتت أن “الإرادة أقوى من الظروف”، وأن العملية التعليمية يمكن أن تستمر رغم الحرب والتحديات.
من جانبه، أعلن مدير التعليم بغرب دارفور أن امتحانات المرحلة المتوسطة ستنطلق في يوليو المقبل، وأن التجهيزات اللوجستية والإدارية اكتملت، رغم ما تعانيه الولاية من هشاشة أمنية ونقص في الكوادر والموارد.
وتُعد هذه المحاولات بمثابة أول اختبار حقيقي لقدرة الإدارات المدنية المرتبطة بالدعم السريع على إدارة ملف حساس مثل التعليم، في وقتٍ تتعامل فيه الحكومة الرسمية مع الملف من العاصمة المؤقتة بورتسودان، وسط انفصال عملي بين مراكز القرار في البلاد.
الناشطون الحقوقيون لم يقفوا مكتوفي الأيدي، إذ أطلق عددٌ منهم حملة تطالب بإنهاء ما أسموه “تمييزًا تعليميًا صارخًا”، داعين إلى ضرورة ضمان حق جميع الطلاب السودانيين في الجلوس للامتحانات القومية بغض النظر عن انتماءاتهم أو مناطقهم. واعتبروا أن حرمان الطلاب في دارفور وكردفان من الامتحانات لا يهدد مستقبلهم فحسب، بل يزرع بذور الانقسام الوطني.
وبينما تستمر المعارك في مناطق شاسعة من السودان، يبقى مصير العملية التعليمية على المحك، ما يفتح الباب أمام أسئلة أكبر تتعلق بمستقبل التعليم الموحد في بلد تتنازعه الحرب والانقسام.