
المرأة المتزوجة حقًا
قصة قصيرة من سيراليون – تأليف: أبيوسيه نيقول – إعداد أدبي: آدم
منوعات _ الهدهد نيوز _ تحرّك “أجايي” قليلًا في فراشه، ثم نهض ناظرًا إلى ساعته الرخيصة فوق المقعد بجانب السرير. كانت تشير إلى السادسة والربع صباحًا. المدينة الإفريقية التي يسكنها بدأت تنهض ببطء، وراح صوت الديكة يعلن فجرًا جديدًا. في الخارج، أخذ الحراس يدقّون على أقفال المخازن والمنازل، في إشارة معتادة منهم على بدء دوامهم.
أما نساء القرية، فقد شرعن في التوجّه إلى السوق وهنّ يحملن البضائع على رؤوسهن، تتردد بينهن الضحكات والأحاديث.
أجايي، كاتب في مكتب حكومي، احتسى شايه المعتاد، خفيفًا، حلوًا، دون حليب، كما اعتاد منذ سنوات. ثم خطا نحو النافذة، تنشّق الهواء بعمق، ست مرات، تمارين اعتاد عليها وقاية من مرض السل. بعد ذلك خرج إلى الحوض لغسل جسده سريعًا، في حين كانت زوجته “آيو” تجهز الإفطار.
عاشا معًا اثني عشر عامًا، أنجبا ثلاثة أطفال. لم يكونا زوجين على الورق، لكنهما كانا زوجين أمام الحياة. كانت آيو امرأة طيبة، جميلة، سوداء البشرة، تضيء ابتسامتها المكان. أما أهلها، فلم يتقبلوا هذا الارتباط، فابتعدت عنهم، وظل والدها يقاطعها، بينما كانت أمها تأتيها سرًّا، تحضر طقوس تعميد أحفادها.
في مجتمعهم، كان إنجاب الأطفال خارج إطار الزواج يُقابل بالتشهير والوعظ، وكانت الكنيسة تفرض غرامة على من يسلك هذا الطريق. لكن آيو وأجايي، رغم كل ذلك، ظلّا يذهبان إلى الكنيسة، يجلسان منفصلين، ويغادران صامتين.
ذات صباح، ضرب أجايي ابنه الأكبر لأنه تبول على الفراش. جاء صراخ الولد ليفتح نقاشًا جديدًا مع آيو التي اعترضت، بهدوء، لكنها كانت حازمة هذه المرة:
– “ضربه لن يحل المشكلة، بل يزيدها”.
بدأت كلماتها تترك أثرًا. لم تكن فقط زوجة محبّة، بل امرأة تملك رأيًا. وصوتها، هذه المرة، بدا مختلفًا. قال لها وهو يرتدي بدلته:
– “سوف أرى..”
في المكتب، استدعي أجايي فجأة. تفاجأ بثلاثة رجال بيض يرافقون رئيس الكتبة. قال أحدهم:
– “نحن من جماعة المدافعين عن الإنجيل.. منذ عام أرسلت لنا طلبًا للانضمام، وها نحن هنا”.
كان أجايي قد نسي أنه طلب منهم كتيبات دينية قبل فترة، فقط ليحصل على صور جميلة. لكنه رحّب بهم، دعاهم إلى منزله، وطلب من أحد زملائه أن يسبقهم لإبلاغ آيو بالزيارة.
ركض الولد إلى البيت يحمل الرسالة، فتسارعت خطوات آيو، تنظف، ترتب، تخفي المجلات والروايات، وتُظهر الكتب الدينية والصور العائلية، وتلبس فستان الأحد.
عندما وصل الضيوف، كانت آيو متألقة، مرتبة، أظهرت حضورًا ولباقة لفتت أنظار المبشّرين، وأثارت فخر أجايي.
في اليوم التالي، دخل أجايي مكتب رئيسه، حاملاً زجاجة بيرة، شاكرًا له دعمه في ذلك “اللقاء المهم”. شيء ما تغيّر فيه. صار أكثر هدوءًا. وبعد تفكير طويل، قرر أن يتزوّج آيو رسميًا.
حين أخبرها، لم تصدق. تساءلت في داخلها: “هل هو مريض؟ هل أُهين؟ ما الذي جعله يتغيّر؟” لكنه كان جادًا.
ضحكت، وقالت: “فلنتزوج، ولكن لا تقل إنني أجبرتك على ذلك.”
في الطريق نحو الزفاف، جرت كل طقوس الزواج التقليدية. ذهب وفد من عائلة أجايي إلى منزل والد آيو، حاملين الكتاب المقدس، الخاتم، وهدية رمزية. وبعد مماطلة معتادة في هذه المناسبات، وافق الأب، وذرف دموعًا وهو يسلم ابنته.
جاء الزفاف جميلاً، هادئًا. ستين شخصًا حضروا، تخلله خطب، موسيقى، زغاريد. كانت آيو تبكي، أخيرًا هي عروس، كما شاهدت زميلاتها من قبل.
في الصباح التالي، استيقظ أجايي كعادته، باحثًا عن شايه. لم يجده. نادى آيو. لم ترد. نظر حوله.. لا صوت في المطبخ. وجدها راقدة بجانبه.
قالت له بهدوء:
– “لست مريضة.. ولكن، يا أجايي، أنا الآن امرأة متزوجة حقًا، ويجب أن تعاملني باحترام. من الآن، عليك أن تصنع شايك بنفسك.”
كان ذلك بداية جديدة بينهما، علاقة قائمة لا على عشرة فقط، بل على تقدير.