
تسريبات صادمة تضرب حكومة إدريس الجديدة
متابعات _ الهدهد نيوز _ في تطور لافت، كشفت تسريبات سياسية واسعة عن أبرز ملامح التشكيل الوزاري المرتقب لحكومة السودان المدنية الجديدة، التي يترأسها الدكتور كامل إدريس، وسط حالة من الترقب الشعبي والسياسي. وبحسب مصادر متعددة ومطلعة على مجريات المشاورات، فإن الإعلان الرسمي بات وشيكًا، رغم العراقيل التي لا تزال تعطل لحظة الحسم. وتشير التسريبات إلى أن إدريس يعتمد في اختياراته على معايير غير تقليدية، تركز على الكفاءة، النزاهة، والحيادية التامة، في خطوة تهدف لإحداث تحول حقيقي في مؤسسات الدولة المدنية.
مصادر مقربة أفادت أن رئيس الوزراء المكلّف أعد هيكلًا وزاريًا مكونًا من 18 وزارة وعدد من المفوضيات، وناقشه مع الفريق أول عبد الفتاح البرهان وأعضاء بمجلس السيادة قبل صدور قرار تكليفه الرسمي. ومع ذلك، اصطدمت الرؤية الإصلاحية لإدريس بتعقيدات ترتبط باتفاق جوبا، حيث تصر حركات الكفاح المسلح وعلى رأسها العدل والمساواة على حصصها القديمة في الحكومة، وهو ما خلق حالة من الشد والجذب داخل غرف المشاورات.
تقول المصادر إن إدريس يحيط نفسه بفريق من الشخصيات المؤثرة المقربة، يأتي في مقدمتهم وزير الإعلام الأسبق خالد الأعيسر الذي تجمعه به علاقة قديمة تعود لفترة الإقامة في لندن، إضافة إلى الدكتور حسين الحفيان المعروف بقربه من دوائر صنع القرار، والسفير بدر الدين الجعيفري، ورجل الاستخبارات السابق نزار عبد الله. هذا الفريق لعب دورًا مهمًا في صياغة هيكل الحكومة المقبلة، والتنسيق مع المجلس السيادي، كما ظهر في تنقلات إدريس ولقاءاته الخارجية.
في ظل هذه الترتيبات، برزت أسماء جديدة مرشحة لدخول الحكومة، من بينها الشاب القبطي جرجس روح الذي أصيب أثناء القتال ضد قوات الدعم السريع، وهو ما فُسر بأنه إشارة من إدريس لدمج ضحايا الحرب وقادة الحراك المدني ضمن فريقه التنفيذي. وتحتدم المنافسة في بعض الوزارات السيادية، لاسيما وزارة الخارجية، حيث يتقدم السفير السابق في الصين عمر صديق، المدعوم من قبل المؤسسة العسكرية، في مواجهة إدريس فرج الله، الخبير في الشأن الإفريقي، والذي يتمتع بثقل جغرافي وعرقي مهم من جبال النوبة.
الملف الإعلامي كذلك يشهد تحركات ملحوظة، إذ يُتوقع أن يُكلف خالد الأعيسر بمهمة مستشار إعلامي لرئيس الوزراء، فيما يتردد اسم الإعلامية سامية الهادي كمرشحة بارزة لتولي وزارة الإعلام، نظرًا لما تتمتع به من مهنية واستقلالية. وفي ذات السياق، تداولت التسريبات أدوارًا محتملة لكل من الفريق عبد الرحمن الصادق المهدي، والمحامي نبيل أديب، رغم أن الأخير لم يعد مرشحًا رسمياً بعد تحفظ بعض المقربين من إدريس على مواقفه بشأن الوثيقة الدستورية.
المثير في الأمر هو محاولات إدريس إدماج قيادات من حركات الكفاح المسلح في مواقع متقدمة دون الإخلال بالتوازنات، حيث كشفت التسريبات عن مشاورات مع جبريل إبراهيم لتولي منصب أكبر من وزارة المالية، إلا أن حركة العدل والمساواة تمسكت بنسبة مشاركتها الكاملة واعتبرت أي تعديل انتقاصًا من استحقاقها السياسي، في إشارة إلى توتر غير معلن قد يؤثر على المشهد برمّته.
وبينما تمر الأيام وتتزايد الضغوط، يبقى الإعلان عن الحكومة الجديدة مرهونًا بحل هذه المعضلات، أو لجوء إدريس إلى خيار تشكيل جزئي يمكّنه من تجاوز هذه العقد مؤقتًا، ريثما تستكمل مشاوراته مع بقية الأطراف. وبين التجاذبات السياسية والضغوط الزمنية، يبدو أن مستقبل حكومة إدريس سيتحدد بناءً على مدى قدرته على المناورة، وفرض رؤيته دون كسر توازنات السلام والمشاركة.