
السودان يضع عقوبات للتعامل مع الإمارات
متابعات _ الهدهد نيوز _ في أعقاب القرار الرسمي الذي اتخذته الحكومة السودانية بقطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة الإمارات العربية المتحدة وتصنيفها كدولة “معادية”، برزت مجددًا تحذيرات قانونية تتعلق بعواقب التعامل مع أبوظبي، سواء على مستوى الأفراد أو الشركات، وذلك بالاستناد إلى المادة 52 من القانون الجنائي السوداني لسنة 1991، والتي تضع إطارًا قانونيًا واضحًا للتعامل مع الدول المعادية.
ويأتي هذا التحرك القانوني بالتزامن مع تصاعد التوترات السياسية بين الخرطوم وأبوظبي، عقب اتهامات وجّهها السودان إلى دولة الإمارات بالتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد، ودعم جهات متمردة مسلحة تهدد أمن واستقرار الدولة، وهو ما دفع السلطات السودانية إلى اتخاذ موقف رسمي بقطع العلاقات، وهي خطوة نادرة في تاريخ الدبلوماسية السودانية.
المادة 52 من القانون الجنائي السوداني تنص صراحة على أن “من يقوم دون إذن بالعمل في خدمة أي دولة يعلن السودان أنها دولة معادية، أو بمباشرة أي أعمال تجارية أو معاملات أخرى معها أو مع وكلائها، يعاقب بالسجن مدة لا تجاوز عشر سنوات أو بالغرامة أو بالعقوبتين معًا”. وقد أشار قانونيون إلى أن هذا النص لم يُفعل بشكل عملي من قبل بهذا الشكل الصريح، ما يجعل الوضع الحالي اختبارًا قانونيًا جديدًا يتطلب وعيًا واسعًا من المواطنين والمؤسسات بطبيعة الممارسات الممنوعة.
قانونيون بارزون في السودان أكدوا أن العقوبة المنصوص عليها في المادة تشمل أي مواطن أو مقيم يحمل الجنسية السودانية، سواء كان فردًا أو شركة أو مؤسسة، ويتعامل بأي شكل مع دولة الإمارات أو أي جهة تمثلها بشكل مباشر أو غير مباشر، دون الحصول على إذن مسبق من الجهات الرسمية السودانية. وتشمل صور التعامل المحظورة كافة الأنشطة التجارية والمالية والخدماتية، بما في ذلك العقود والتحويلات البنكية والصفقات الاستثمارية وأي تعاون مهني أو تقني.
ويُخشى أن يجهل بعض الأفراد والمؤسسات تبعات التعامل مع جهات أو شركات ذات ارتباط بالإمارات، خصوصًا في ظل تشابك المصالح الإقليمية وتعدد واجهات الاستثمار الخارجي، ما قد يوقعهم في مخالفة صريحة للقانون دون علم مسبق. وقد طالب مختصون في القانون بضرورة إصدار قائمة توضيحية من الحكومة تتضمن أسماء الشركات والوكلاء والمصالح التي تُعد تابعة أو ممثلة لدولة الإمارات، لتفادي الالتباس وضمان وضوح الرؤية أمام الجميع.
ويتوقع مراقبون أن تبدأ الأجهزة الأمنية والنيابة العامة في السودان بمراقبة التعاملات المالية والتجارية بصورة أكثر صرامة، خصوصًا تلك التي تتم عبر الأنظمة المصرفية، أو الجهات الوسيطة، أو الشركات العابرة للحدود، تحسبًا لوجود أي خروقات للقانون قد تُوظف لصالح دولة تم الإعلان رسميًا عن عدائها.
ويرى خبراء القانون الدولي أن السودان، عبر تفعيل هذه المادة، يطبق ما يُعرف بـ”العقوبات الوطنية الداخلية”، وهي إجراءات قانونية تلجأ إليها الدول حين تعلن رسميًا العداء لدولة أخرى، وتمنع بموجب قوانينها أي شكل من أشكال التعاون أو الدعم أو التفاعل الاقتصادي، حمايةً لأمنها القومي ومصالحها العليا. وبذلك تصبح أي محاولة للتواصل أو التعامل مع الإمارات أو ممثليها ضمن الأراضي السودانية أو خارجها خاضعة للمساءلة القانونية، ما لم يكن هناك إذن رسمي مكتوب وصريح من السلطات المختصة.
هذا التطور يعكس مرحلة جديدة من التعامل القانوني مع الأزمات السياسية في السودان، ويضع الأفراد والمؤسسات أمام مسؤولية مضاعفة للالتزام بالقرارات السيادية، واحترام القوانين الوطنية التي تنظم العلاقات الخارجية وتحمي الأمن الداخلي للبلاد.