الحرية والتغيير تكشف حقيقة تكوين حكومة منفى
الحرية والتغيير تكشف حقيقة تكوين حكومة منفى
أفاد شهود عيان بأن عدداً من الأحياء شرق العاصمة السودانية (الخرطوم) تعرضت (الثلاثاء) إلى قصف جوي ومدفعي مكثف وتبادل المواجهات بالأسلحة الثقيلة بين طرفي القتال الجيش وقوات «الدعم السريع»، في وقت ساد فيه الهدوء العديد من المناطق الأخرى بالمدينة، في حين نفى قيادي بارز في ائتلاف «قوى الحرية والتغيير»، التي قادت ثورة ديسمبر (كانون الأول) السودانية، الأنباء التي أشارت إلى عزم القوى السياسية تكوين حكومة منفى، مؤكداً أن «هذه المزاعم لا أساس لها من الصحة».
وقال شهود لـ«الشرق الأوسط» إن انفجارات مدوية هزت أحياء «شرق النيل»، حيث تنتشر قوات «الدعم السريع» بكثافة في تلك المناطق، ورجحت أن تكون الانفجارات جراء القصف الجوي وقذائف مدفعية متبادلة بين القوتين المتحاربتين.
وقالت مصادر محلية بأم درمان، إن الطيران الحربي للجيش السوداني أجرى طلعات جوية مكثفة في سماء المدينة بغرض الاستطلاع دون أن ينفذ أي غارات جوية.
من جهتها، أعلنت قوات «الدعم السريع»، الثلاثاء، انضمام مجموعة من الجيش السوداني بولاية شمال دارفور إلى صفوفها. وقال بيان أصدره المتحدث الرسمي باسم قوات «الدعم السريع» على «فيسبوك»: «ترحب قوات (الدعم السريع)، بانضمام مجموعة جديدة من شرفاء القوات المسلحة، بقيادة الملازم أول خالد عبد الرحمن من الفرقة السادسة مشاة الفاشر بولاية شمال دارفور».
وأضاف: «إن توالي انحياز شرفاء القوات المسلحة والأجهزة النظامية الأخرى لخيارات الشعب وقوات (الدعم السريع)، يضاعف من عزيمتنا للقضاء على هذه العصابة المتسلطة على رقاب الشعب السوداني لثلاثين عاماً من الاستبداد وغياب العدالة وقهر السودانيين الأحرار».
من جهة ثانية، نقلت وكالة «رويترز» عن مصادر سودانية، قولها إن قوات «الدعم السريع» سيطرت على بلدة في جنوب إقليم دارفور، ما تسبب في اندلاع اشتباكات وحدوث عمليات نهب وبدء موجة نزوح جديدة. وتسببت اشتباكات بين قوات «الدعم السريع» والجيش في أنحاء بلدة كاس في فرار نحو 5 آلاف أسرة، بعضها من مخيمات للنازحين، بحسب نظام تتبع تديره المنظمة الدولية للهجرة.
وقال الفاضل محمد، أحد الشهود، لـ«رويترز» إن اشتباكات عنيفة وقعت في بلدة كاس أسفرت عن 3 حالات وفاة على الأقل ونزوح سكان نحو الشرق. وقال «مرصد نزاع السودان»، ومقره في الولايات المتحدة، يوم الجمعة، إن قوات «الدعم السريع» وقوات موالية لها نفذت هجوماً مزعوماً استهدف تدمير 26 مجتمعاً قبلياً على الأقل في إقليم دارفور، مما اضطر ما لا يقل عن 668 ألف مدني على النزوح منذ منتصف أبريل (نيسان). وذكر المرصد أن نمط الهجمات التي تُشن بشكل رئيسي على المجتمعات القبلية غير العربية مطابق للهجمات التي شنتها الحكومة السودانية وفصائل الجنجويد المسلحة الموالية لها في 2003 – 2004، عندما ارتُكبت فظائع جماعية في ظل قتال لسحق تمرد. وانبثقت قوات «الدعم السريع» من الجنجويد لتكون قوة قتالية ضخمة ومزودة جيداً بالعتاد ولها وضع رسمي. وتقول إن أحدث حالات العنف ضد المدنيين في إقليم دارفور هو عنف قبلي، وإنها ليست طرفاً فيه. وأدت الحرب الحالية التي اندلعت وسط خلافات بخصوص خطة مزمعة لتسليم السلطة لمدنيين، إلى نزوح أكثر من 3 ملايين، بينهم أكثر من 700 ألف فروا إلى دول مجاورة.
وقال عضو وفد القيادات السياسية والمدنية السودانية الموجود حالياً في العاصمة الكينية (نيروبي)، خالد عمر يوسف، إن الوفد تلقى العديد من الدعوات من دول الجوار، لكنه يعكف في الوقت الحالي على عقد اجتماعات لمواصلة زياراته في دول المنطقة.
وزار الوفد السوداني الذي يضم قيادات حزبية ومهنية ونقابية خلال الفترة الماضية، أوغندا، وكينيا، حيث بحث مع زعماء الدولتين، المبادرات المطروحة من قبل الهيئة الحكومية للتنمية في أفريقيا (إيغاد) المعنية بعملية السلام في القرن الأفريقي، والاتحاد الأفريقي، ومساعي منبر «جدة» لدفع طرفي الصراع لوقف فوري لإطلاق النار، والتوجه نحو الحل السلمي المتفاوض عليه لإنهاء الأزمة.
وأوضح يوسف في إفادات لـ«الشرق الأوسط» أن منبر «جدة» يناقش في الوقت الحالي تنفيذ الالتزامات الموقع عليها في إعلان جدة بين القوات المسلحة وقوات «الدعم السريع»، ويناقش الميسران، المملكة العربية السعودية وأميركا، كيفية استئناف المحادثات بين الطرفين مرة أخرى بصورة أكثر فاعلية.
وحذر خالد عمر يوسف، وهو قيادي بارز بالائتلاف الحاكم السابق «قوى الحرية والتغيير» على صفحته بـ«فيسبوك»، من أن استمرار الحرب يضع البلاد على شفا حفرة من الانهيار، لكنه أشار إلى أن المؤشرات الراهنة ترجح خيار الحل السياسي لوقف الحرب الدائرة في البلاد.
وأرجع ذلك إلى التصريحات الإيجابية التي صدرت مؤخراً من قادة القوات المسلحة و«الدعم السريع» حول تفضيلهم خيار التفاوض، بالإضافة إلى الموقف الدولي والإقليمي الذي عبرت عنه قمم الاتحاد الأفريقي والإيغاد ودول الجوار.
وفي هذا الصدد، أشار يوسف إلى استعداد المملكة العربية السعودية والإدارة الأميركية لاستئناف منبر جدة في القريب العاجل.
وأكد خالد عمر يوسف أن النقاشات التي أجراها الوفد خلال زيارته لدول الجوار لم تتطرق بتاتاً لتكوين حكومة «منفى»، وإنما تركز النقاش حول كيفية الوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار، وإطلاق عملية سياسية شاملة.
وقال يوسف إن الحل السياسي لن يكون ميسوراً بعد أن زادت الحرب من تعقيد القضايا التي تواجه البلاد، وعصفت باستقرارها وأمنها في العقود الماضية.
وأضاف أن الوصول إلى حل مستدام يجب أن يناقش وضعية تعدد الجيوش، وكيفية الوصول لجيش مهني قومي ينأى كلياً عن السياسة، بالإضافة إلى تأسيس نموذج للعدالة وإنصاف الضحايا في الجرائم المرتكبة، والتوافق على قواعد التداول السلمي للسلطة دون هيمنة أو إقصاء، من خلال التراضي على قواعد دستورية تؤسس لحكم مدني ديمقراطي مستدام.
وأعربت بعثة الأمم المتحدة في السودان «يونيتامس» عن قلقها إزاء التطورات الجديدة في ولاية جنوب كردفان.
وحثت في بيان، الثلاثاء، الجيش والحركة الشعبية – فصيل عبد العزيز الحلو، على وقف العمليات العسكرية على الفور من أجل تهدئة الوضع ومنع توسع الصراع، ودعتهما إلى استئناف المفاوضات. وأكدت البعثة الأممية التزامها بدعم الجهود الرامية إلى التوصل إلى حل سلمي للنزاع في جميع أنحاء السودان.