
حكايات تكشف أسراراً إنسانية من حياة الشهيد مهند إبراهيم فضل
متابعات – الهدهد نيوز – لم يكن استشهاد مهند إبراهيم فضل في معارك كردفان حدثاً عادياً، بل تحوّل سريعاً إلى رمز ملهم في الذاكرة الجمعية للسودانيين، حيث تجاوزت سيرته حدود ميادين القتال لتصبح جزءاً من خطاب وجداني وثقافي يعيد تشكيل مفهوم البطولة الوطنية.
المصباح أبوزيد طلحة، قائد فيلق البراء بن مالك، تحدث عن مهند قائلاً إنه لم يكن مجرد مقاتل في الصفوف الأولى، بل صاحب رؤية فنية ومعنوية جسّدها في تصميم شعار لواء البراء. ويرى أبوزيد أن أثره سيبقى متوهجاً مثل “السيف الذي انكسر غمده وبقي أثره يلمع في جبين الدهر”. ويكشف أبوزيد أن مهند فضّل المكوث في جبهات المواجهة لأكثر من عامين ونصف بعيداً عن أسرته، رافضاً مغريات السفر أو أداء العمرة وزيارة والدته المقيمة في السعودية، متمسكاً بخياره الواعي بأن “طريق النضال أولى من أي راحة شخصية”.
من جانبه، أوضح الصحفي عبد الماجد عبد الحميد أن اسم “مهند” أصبح متداولاً على نطاق واسع بين المواليد الجدد في السودان، في ظاهرة تعكس كيف يتحول الأبطال إلى رموز تتجاوز لحظة الاستشهاد لتدخل مجال الهوية الثقافية والاجتماعية. وأضاف أن قصته وصلت إلى أقلام كتّاب وشعراء عرب تناولوا بطولاته في نصوص أدبية، ما يعكس امتداد تأثيره خارج الحدود الجغرافية. كما أشار إلى مبادرات إنسانية ارتبطت بذكراه، مثل إصرار أحد مواطني عطبرة على تسمية ابنته بـ”فاطمة” تيمنًا بوالدته، فضلاً عن الاهتمام بمقتنياته الشخصية – ومنها “حصن المسلم” وجوازه الدبلوماسي – التي تحولت إلى رموز ملموسة لرحلته ومعاني تضحياته.
تاريخ السودان زاخر بأسماء شهداء ارتبطوا بتحولات كبرى في الوعي الوطني، من معارك الاستقلال إلى لحظات الدفاع عن الأرض. ويأتي مهند في هذا السياق كامتداد طبيعي لظاهرة “البطل-الرمز” التي تُخلّد عبر الأجيال، حيث يصبح الفرد مرآة لقيم جماعية مثل الفداء والثبات والإيثار. ويرى باحثون أن مثل هذه الشخصيات تسهم في صياغة خطاب وطني جامع، وتمنح الأجيال الجديدة نماذج حية تعيد تشكيل مفهوم التضحية والانتماء، لا سيما في فترات الأزمات التي تحتاج إلى رموز تلهم وتوحد.
قصة الشهيد مهند إبراهيم فضل ليست مجرد رواية عن بطل فردي، بل هي انعكاس لطبيعة الوجدان السوداني الذي يميل إلى تخليد الأبطال وتحويل سيرهم إلى معانٍ جمعية باقية. ومن المرجح أن يستمر اسمه في الحضور، ليس فقط في ذاكرة رفاقه، بل في الوعي الوطني كأحد رموز التضحية التي لا تموت.