اخبار اقتصادية

حكم قضائي ينصف العمال.. والحقوق تُختطف!

متابعات _ الهدهد نيوز

حكم قضائي ينصف العمال.. والحقوق تُختطف!

متابعات _ الهدهد نيوز _ في تطور جديد يعكس صراعًا طويل الأمد بين إدارة مصرف المزارع التجاري والعاملين المتضررين من سياسات إدارية مثيرة للجدل، صدر مؤخرًا حكم قضائي نهائي لصالح مجموعة من العمال المفصولين، من بينهم السيدة عفاف بكراوي وآخرون، قضى بشطب الاستئناف المقدم من إدارة المصرف وإقرار حكم محكمة الموضوع الذي يُعيد للعمال بعضًا من حقوقهم، لا سيما المتعلقة بفوائد ما بعد الخدمة، في خطوة اعتبرها كثيرون نصرًا قانونيًا لكنه لا يزال منقوصًا على صعيد التنفيذ.

 

 

ويعود أصل النزاع إلى قرارات اتخذتها الإدارة السابقة للبنك بإلغاء فوائد ما بعد الخدمة تحت ذريعة تضخم الهيكل الوظيفي وتراكم التعيينات غير المدروسة في الدرجات العليا. رغم مخالفة هذا القرار للمادة (41) من قانون العمل التي تمنع التنازل عن الحقوق القانونية للعاملين، أصرّت الإدارة على موقفها، متجاهلة رأي الإدارة القانونية، ما أدى إلى استبعاد التعديل من الاعتماد لدى مكتب العمل، بينما ظل الحق مثبتًا في لائحة شروط الخدمة.

إعلان

 

 

 

وبعد تسلّم إدارة جديدة مهامها في عام 2019، توقّع العاملون أن تتم معالجة المظالم المتراكمة، لكن المفاجأة كانت استمرار ذات السياسات القديمة، من تهميش لأصحاب المؤهلات العليا إلى حجب العلاوات وتجاوزات واضحة في الترقية. وبدلًا من معالجة الخلل، لجأت الإدارة إلى خيار “الإخلاء الطوعي”، ولما فشل، شرعت في إنهاء خدمات العاملين بحجج “الأداء والمخالفات” رغم أن كل المخالفات سبق وأن خضعت لمجالس محاسبة وصدرت بشأنها قرارات نهائية.

 

ومع تصاعد الأزمة، توجه العمال إلى القضاء بعد رفض البنك تنفيذ قرارات مكتب العمل. ورغم أن الأحكام القضائية جاءت في صالحهم، إلا أن الإدارة استخدمت الاستئناف كتكتيك للمماطلة، ما أدى إلى تأخير تنفيذ الحقوق لسنوات، وسط تدهور في الوضع الاقتصادي أفقد التعويضات قيمتها الحقيقية، إذ ارتفع الدولار من 560 جنيهًا وقت رفع القضية إلى 2700 جنيه عند صرف المستحقات.

 

 

ويبرز في القضية أيضًا قرار مجلس الإدارة بتخفيض سن المعاش من 65 إلى 63 عامًا، بحجة تقليص المصروفات، رغم أنه قرار قانونيًا هشًا، لا يُمكن تمريره دون مساءلة، خاصة وأنه تم تحت إشراف مجلس يترأسه أحد منسوبي حركة العدل والمساواة، في مفارقة صارخة بين الشعارات التي ترفعها الحركة وممارسات كوادرها داخل المؤسسات.

وزادت الطين بلة، إعادة تعيين موظفين كانوا قد فُصلوا بعد انقلاب 1989، ما رفع كلفة الفصل الأول مجددًا، بينما تم إنفاق وفورات حقوق المفصولين على حوافز وضرائب وأرباح بدلًا من تخصيصها لمستحقيها. ورغم وضوح التجاوزات، لم يُبدِ المراجع العام موقفًا حاسمًا، واكتفى بإدراج المخالفة ضمن “الملاحظات”.

 

 

 

وفي ظل غياب مجلس إدارة منتخب بعد انتهاء الدورة الحالية، وقرار من محافظ بنك السودان بتمديد صلاحياته، ترتفع المطالبات بإعادة تفعيل سلطة الجمعية العمومية، وتنظيم المساهمين لأنفسهم في قروبات رقابية على الأداء المالي والإداري للبنك، خاصة وأن مصرف المزارع التجاري يُعد من أكبر بنوك السودان من حيث عدد المساهمين.

 

 

القضية باتت نموذجًا صارخًا للاختلالات الهيكلية في إدارة مؤسسات الدولة الاقتصادية، ويخشى مراقبون أن يُهدر المزيد من المال العام في نزاعات قضائية محسومة قانونًا، لكنها مُعلقة إداريًا لأسباب سياسية أو محسوبية. وفي وقت يُشيد فيه البعض بأداء وزير المالية جبريل إبراهيم في إدارة الاقتصاد الكلي، إلا أن صمته حيال تجاوزات منسوبيه داخل المصارف يثير علامات استفهام كبيرة.

 

 

الحقوق تُنتزع ولا تُمنح، وتظل معركة العاملين المفصولين من مصرف المزارع التجاري، شاهدًا على معركة طويلة ضد الظلم المؤسسي، في وقت أصبح فيه العدالة مطلبًا لا يحتمل التأجيل.

إعلان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى